يحشر من بطون السباع، وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك.
قال له اليهودي: فإن إبراهيم عليه السلام قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر فجعل الله عز وجل عليه النار بردا وسلاما (1) فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف كما أن النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره.
قال له اليهودي: فإن هذا يعقوب عليه السلام أعظم في الخير نصيبه إذ جعل الأسباط من سلالة صلبه، ومريم بنت عمران من بناته؟
قال علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعظم في الخير نصيبا إذ جعل فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من حفدته.
قال له اليهودي: فإن يعقوب عليه السلام قد صبر عليه فراق ولده حتى كاد يحرض (2) من الحزن.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، حزن يعقوب حزنا بعده تلاق، ومحمد صلى الله عليه وآله قبض ولده إبراهيم عليه السلام قرة عينه في حياته منه، فخصه بالاختيار، ليعظم له الادخار فقال صلى الله عليه وآله: يحزن النفس، ويجزع القلب، وأنا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الرب، في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عز وجل، والاستسلام له في جميع الفعال.
قال له اليهودي: فإن هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة، وحبس في السجن توقيا للمعصية، والقي في الجب وحيدا؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله قاسى مرارة الغربة، وفراق الأهل والأولاد والمال، مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه، فلما رأى الله عز وجل كآبته واستشعاره والحزن، أراه تبارك اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها