حقهم، ولم يقل ذلك في شئ من الأشياء غير ذلك، وإنما أمر العامة أن يبلغوا العامة حجة من لا يبلغ عن رسول الله جميع ما بعثه الله به غيرهم، ألا ترى يا طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي - وأنتم تسمعون -: " يا أخي إنه لا يقضي عني ديني ولا يبرئ ذمتي غيرك، تبرئ ذمتي، وتؤدي ديني وغراماتي، وتقاتل على سنتي " فلما ولي أبو بكر قضى عن رسول الله صلى الله عليه وآله عداته ودينه، فاتبعتموه جميعا، فقضيت دينه وعداته، وقد أخبرهم أنه لا يقضي عنه دينه وعداته غيري، ولم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء لدينه وعداته، وإنما كان الذي قضى من الدين والعدة هو الذي أبرءه منه، وإنما بلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله جميع ما جاء به من عند الله من بعد الأئمة الذين فرض الله في الكتاب طاعتهم، وأمر بولايتهم، الذين من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله.
فقال طلحة: " فرجت عني، ما كنت أدري ما عنى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى فسرته لي، فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع أمة محمد الجنة، يا أبا الحسن شيئا أريد أن أسألك عنه، رأيتك خرجت بثوب مختوم، فقلت: أيها الناس إني لم أزل مشتغلا برسول الله بغسله، وكفنه، ودفنه، ثم اشتغلت بكتاب الله حتى جمعته، فهذا كتاب الله عندي مجموعا لم يسقط حتى حرف واحد، ولم أر ذلك الذي كتبت وألفت، وقد رأيت عمر بعث إليك أن ابعث به إلي فأبيت أن تفعل فدعا عمر الناس فإذا شهد رجلان على آية كتبها، وإن لم يشهد عليها غير رجل واحد أرجأها (1) فلم يكتب، فقال عمر: وأنا أسمع إنه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرؤون قرآنا لا يقرأه غيرهم، فقد ذهب وقد جاءت شاة إلى صحيفة وكتاب يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها والكاتب يومئذ عثمان، وسمعت عمر وأصحابه الذين ألفوا ما كتبوا على عهد عمر وعلى عهد عثمان يقولون: إن الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وإن النور ستون ومائة آية، والحجر تسعون ومائة آية، فما هذا؟
وما يمنعك يرحمك الله أن تخرج كتاب الله إلى الناس، وقد عهد عثمان حين أخذ