مالك من فضلك، ولا يوضع في فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيما ملكت يداي فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله فقالت عليها السلام: سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتاب الله صادفا (1) ولا لأحكامه مخالفا! بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغى له من الغوائل (2) في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا، وناطقا فصلا يقول: يرثني ويرث من آل يعقوب (3) ويقول: وورث سليمان داود (4) وبين عز وجل فيما وزع من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث، ما أزاح به علة المبطلين، وأزال التظني والشبهات في الغابرين، كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله، وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين، وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبد، ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمة عليها السلام إلى الناس وقالت:
معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل (5) المغضية على الفعل القبيح الخاسر أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اغتصبتم لتجدن والله محمله ثقيلا، وغبه وبيلا، إذا كشف لكم الغطاء وبان بأورائه الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون.