أفضل من علي، وكيف أقول ذلك وما لي سابقته ولا قرابته ولا خصوصيته، وحد الله وأنا ملحده وعبده علي قبل أن أعبده ووالى الرسول وأنا عدوه، وسبقني بساعات لو انقطعت لم ألحق شأوه ولم أقطع غباره، وأن علي بن أبي طالب فاز والله من الله بمحبة ومن الرسول بقرابة ومن الإيمان برتبة، لو جهد الأولون والآخرون إلا النبيين لم يبلغوا درجته ولم يسلكوا منهجه، بذل في الله مهجته ولابن عمه مودته كاشف الكرب ودامغ الريب وقاطع السبب إلا سبب الرشاد وقامع الشرك ومظهر ما تحت سويداء حبة النفاق، محنة لهذا العالم، لحق قبل أن يلاحق وبرز قبل أن يسابق، جمع العلم والحلم والفهم فكان جميع الخيرات لقلبه كنوزا لا يدخر منها مثقال ذرة إلا أنفقه في بابه، فمن ذا يؤمل أن ينال درجته وقد جعله الله ورسوله للمؤمنين وليا وللنبي وصيا وللخلافة راعيا وبالإمامة قائما، أفيغتر الجاهل بمقام قمته إذ أقامني وأطعته إذ أمرني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول " الحق مع علي وعلي مع الحق، من أطاع عليا رشد ومن عصى عليا فسد، ومن أحبه سعد ومن أبغضه شقي " والله لو لم يحب ابن أبي طالب إلا لأجل أنه لم يواقع الله محرما ولا عبد من دونه صنما ولحاجة الناس إليه بعد نبيهم لكان في ذلك ما يجب، فكيف لأسباب أقلها موجب وأهونها مرغب، للرحم الماسة بالرسول والعلم بالدقيق والجليل والرضا بالصبر الجميل والمواساة في الكثير والقليل، وخلال لا يبلغ عدها ولا يدرك مجدها ود المتمنون أن لو كانوا تراب أقدام ابن أبي طالب، أليس هو صاحب لواء الحمد والساقي يوم الورود وجامع كل كرم وعالم كل علم والوسيلة إلى الله وإلى رسوله.
وعن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع قال، إني لعند أبي بكر إذ طلع علي والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي صلى الله عليه وآله، فقال أبو بكر: يكفيكم القصير الطويل - يعني بالقصير عليا وبالطويل العباس - فقال العباس: أنا عم النبي صلى الله عليه وآله ووارثه، وقد حال علي بيني وبين تركته.
فقال أبو بكر: فأين كنت يا عباس حين جمع النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب