اقتديتم اهتديتم " (1) واحتجاجهم بذلك في تفضيلهم، واعتمادهم عليه في تصويب جميعهم، مع علمهم بما جرى بينهم من الخلف العظيم والتباين المبين، في أمور الدنيا والدين، وأن الحال انتهت بهم إلى أن ضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف، وطلب بعضهم دم بعض على وجه التحليل، فكيف يصح أن يكون بأيهم اقتدوا اهتدوا مع كونهم على هذا السبيل؟! وهل المستفاد من هذا الخبر إلا أن الهداية فيما بين الجميع.
ومن عجيب أمرهم: قولهم: يجب الإمساك عن ذكر مساوئ الصحابة، وهم يعلمون مع ذلك أن بعضهم لم يمسك عن بعض، وقد تجاوز الخلف منهم حد الذم والطعن إلى البراءة واللعن، وتجريد السيف والقتل.
ومن عجيب أمر المعتزلة وظاهر مناقضتهم: أنهم يجعلون تصرف بعض وجوه الشيعة في الصدر الأول من قبل عمر بن الخطاب في الظاهر دليلا على موالاتهم القوم في الباطن، كولاية سلمان المدائن، وعمار الكوفة، ويقولون: لو لم يتولوهم ويعتقدوا صوابهم ما تصرفوا تحت واحد منهم، ولا تولوا عملا من قبل من هو ظالم عندهم، ولا يلتفتون مع هذا إلى اعتقادهم أن الخيرة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصرفوا من قبل معاوية بن أبي سفيان، وأظهروا اتباعه وسموه بإمرة المؤمنين وعظموه وأجلوه، ومعاوية عند جميع المعتزلة ظالم فاسق يستحق الخلود في نار جهنم، ويعلمون أنه عقد لابنه يزيد الأمارة على وجوه الصحابة في حياته، وأنفذهم إلى قتال الروم تحت رايته، حتى بلغوا قسطنطينة ممتثلين أمره، منقادين إلى طاعته، متصرفين تحت حكمه وتدبيره، منهم: عبد الله بن العباس،