المجهول، يوالون بالظن من عادوه باليقين والعلم، حتى كأنهم لم يطلعوا قط على دليل عقلي، ولا علموا أنه لا يدفع اليقين بالظن، ولا سمعوا قول الله عز وجل:
﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾ (١)، وقوله: ﴿إلا من شهد بالحق وهم يعلمون﴾ (٢)، وقول النبي (صلى الله عليه وآله): " ردوا الجهالات إلى السنة، وعليكم بالمجمع عليه فإنه لا ريب فيه " (٣) أترى أنهم يستجيزون عكس ذلك من الانصراف عن موالاة من ثبت إيمانه بواضح الدليل، وعلم إخلاصه بالحق اليقين، إلى معاداته بضرب من الظنون، والتقرب إلى الله بلعنه والبراءة منه بخبر غير موجب لليقين، أم لهم فرق بين الموضعين؟
ومن عجيب أمرهم: إشفاقهم من ذم عائشة والبراءة منها، على ما ارتكبته من معصية ربها، ومخالفة نبيها، وخروجها من بيتها، وسعيها في فتنة هلك فيها كثير من الخلق وسفكت دماؤهم فيها، ونصبها لنفسها فتية تقاتل أمامها طالبة باطلا في فعلها، ولو كان حقا لم يكن إليها ولا لها، واعتذارهم في التوقف عن ذمها ومعاداتها بأنها زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) مع سماعهم قول الله تعالى: ﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين﴾ (٤)، وقوله تعالى:
﴿يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين﴾ (5)،