وقد اختلف أصحابنا - رضي الله عنهم - فيمن ينعم ويعذب بعد موته (1) ، فقال بعضهم: المعذب والمنعم هو الروح التي توجه إليها الأمر والنهي والتكليف، وسموها (جوهرا).
وقال آخرون: بل الروح الحياة، جعلت في جسد كجسده في دار الدنيا، وكلا الأمرين يجوزان في العقل (2)، والأظهر عندي قول من قال إنها الجوهر المخاطب، وهو الذي يسميه (3) الفلاسفة (البسيط).
وقد جاء في الحديث (4) أن الأنبياء - صلوات الله عليهم - خاصة والأئمة - عليهم السلام - من بعدهم ينقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السماء، فيتنعمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا. وهذا خاص بحجج الله تعالى دون من سواهم من الناس.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5) أنه قال: من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي من بعيد بلغته، وقال صلى الله عليه وآله وسلم:
من صلى علي مرة صليت عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صليت عليه مائة، فليكثر امرؤ منكم الصلاة علي أو فليقل (6). فبين أنه صلى الله عليه وآله و سلم بعد خروجه من الدنيا يسمع الصلاة عليه، ولا يكون كذلك إلا وهو حي عند الله تعالى، وكذلك أئمة الهدى - عليهم السلام - يسمعون سلام المسلم عليهم من قرب، ويبلغهم سلامه من بعد، وبذلك جاءت الآثار الصادقة