اتصل الشيخ المفيد بالدولة البويهية في عاصمتها بغداد في مبدأ أمرها اتصالا وثيق العرى، فقدروا مكانته حق قدرها، وأجروا الرواتب له ولتلاميذه، وخصصوا له جامع (براثا) في منطقة الكرخ لوعظه وإقامة الصلاة جمعة وجماعة، وله معهم نوادر وقضايا منشورة ومشهورة.
توجهت إليه جماعة الإمامية، وانقادوا لرئاسته الدينية يوم كانت بغداد تموج بالفتن، وقد أكلت قواهم الإحن، والشيعة يومئذ شيع وأحزاب تمزقت شر ممزق، وتفرقت إلى ميمية وعينية وغلاة ومخمسة وزيدية وإسماعلية و و، فجمع المفيد بحسن سياسته آراءهم إلى الوسط الذي يرجع إليه الغالي، ويلحق به التالي، فاستعمل الرأي السديد، وقبض على أمر الجماعة بيد من حديد، فلم شملهم بعد البداد، وقرب قوما من قوم بعد طول ابتعاد، وألغى الفوارق التافهة توطيدا للألفة، كما أخمد نوائر الفتن، ومحى مآثر المبدعين، وقضى على أقطاب الضلالة، وأخرس شقاشقهم، فاتخذ لتخفيف وطأة انتشار الضلال طريقة اختصار بعض الكتب، وتلخيص بعضها، ورد جملة منها بالحجج الدامغة، و اختصار بعض المسانيد المؤثرة، وتقرأ في ترجمته المفصلة في كتب التراجم ككتاب (الرجال ص 283 - 287 ط بمبئي) لتلميذه أبي العباس النجاشي، المتوفى سنة 451 ه، و (خاتمة مستدركات الوسائل ص 517 - 521) للشيخ النوري، المتوفى سنة 1320 ه أعماله الغر وأسماء مؤلفاته البالغة فوق المائتين كتابا.
أجل، وضع المفيد للمجموعة الشيعية مجموعة كتب نافعة مقنعة لو اقتصروا على دراستها لأغنتهم، كالإرشاد إلى فضائل الأئمة الأمجاد (1)، والمسار