حلقه، ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه، ثم قال له: يا بن الفاعلة، إن كان أمر من الله (جل وعلا) فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة (عليهم السلام) أو ببعضه، أو هذا مما ينبغي أن (1) ينظر فيه؟ وأقبلت العصابة على يونس تعذله.
وقرب الحج، واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلى المدينة، وأتوا دار أبي عبد الله (عليه السلام)، فدخلوها، وبسط لهم بساط أحمر، وخرج إليهم (2) عبد الله بن موسى، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد فنادى: هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن أراد السؤال فليسأل. فقام إليه رجل من القوم فقال له: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟ قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء.
فورد على الشيعة ما زاد في غمهم وحزنهم.
ثم قام إليه رجل آخر فقال: ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ قال: تقطع يده، ويجلد مائة جلدة، وينفى. فضج الناس بالبكاء، وكان قد اجتمع فقهاء الأمصار. فهم في ذلك إذ فتح باب من صدر المجلس، وخرج موفق، ثم خرج أبو جعفر (عليه السلام) وعليه قميصان وإزار وعمامة بذؤابتين، إحداهما من قدام، والأخرى من خلف، ونعل بقبالين (3)، فجلس وأمسك الناس كلهم، ثم قام إليه صاحب المسألة الأولى، فقال: يا ابن رسول الله، ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟
فقال له: يا هذا (4)، إقرأ كتاب الله، قال الله (تبارك وتعالى): * (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * (5) في الثالثة.
قال: فإن عمك أفتاني بكيت وكيت.