قال: إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهديت مع جوار قسمهن رسول الله على أصحابه، وظن بمارية من دونهن، وكان معها خادم يقال له (جريح) يؤدبها بآداب الملوك، وأسلمت على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسلم جريح معها، وحسن إيمانهما وإسلامهما (1)، فملكت مارية قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله وميله إلى مارية، وإيثاره إياها عليهما، حتى سولت لهما أنفسهما أن يقولا (3): إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح، وكانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا (4). فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، وقالا: يا رسول الله، ما يحل لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.
قال: وماذا تقولان؟!
قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى، وإن حملها من جريح، وليس هو منك يا رسول الله، فأربد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلون لعظم ما تلقياه به، ثم قال: ويحكما ما تقولان؟!
فقالا: يا رسول الله، إننا خلفنا جريحا ومارية في مشربة، وهو يفاكهها ويلاعبها، ويروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال، فانفذ فيه حكمك وحكم الله (تعالى).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن، خذ معك سيفك ذا الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان فاخمدهما ضربا.
فقام علي واتشح بسيفه (5)، وأخذه تحت ثوبه، فلما ولى ومر من بين يدي رسول