ويروى: في صفر سنة ثلاث ومائتين من (1) الهجرة. (2) وكان سبب وفاته أن المأمون سمه. (3) 305 / 3 - وهو ما رواه أبو الحسن بن عباد، قال: حدثني أبو علي محمد بن مرشد (4) القمي، قال: حدثنا محمد بن منير، قال: حدثني محمد بن خالد الطاطري، قال: حدثني هرثمة بن أعين، قال: كنت بين يدي المأمون إلى أن مضى من الليل أربع ساعات، ثم أذن بالانصراف، فانصرفت إلى منزلي.
فلما مضى ساعتان من آخر الليل، قرع قارع بابي، فكلمه بعض غلماني، فقال له: قل لهرثمة: أجب سيدك. فقمت مسرعا، فأخذت علي أثوابي، وأسرعت إلى سيدي، فدخل الغلام بين يدي، ودخلت وراءه، فإذا بسيدي في صحن داره جالس، فقال لي: يا هرثمة! فقلت: لبيك يا مولاي. فقال لي: اجلس. فجلست، فقال لي:
اسمع وع يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله (عز وجل)، ولحاقي بآبائي وجدي (عليهم السلام)، وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك.
فأما العنب، فإنه يغمس السلك ويجريه بالخياط في العنب ليخفى، وأما الرمان، فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه، ويفرك الرمان به مدة، ليتلطخ حبه في ذلك السم، وإنه سيدعوني في يومنا هذا المقبل، ويقدم إلي الرمان والعنب، ويسألني أكله، ثم ينفذ الحكم والقضاء.
فإذا أنا مت فسيقول: أنا اغسله بيدي، فإذا قال ذلك فقل له عني - بينك وبينه - أنه قال لي: قل له لا يتعرض لغسلي، ولا لتكفيني، ولا لدفني، فإنه إن فعل ذلك عاجله من العذاب ما أخر عنه، وحل به أليم ما يحذر، فإنه سينتهي.