الأرض، ثم يضطرب فيه حوت بطوله، فإذا اضطرب فلا تنزلني في القبر، حتى إذا غاب الحوت منه، وغار الماء، فأنزلني في القبر، وألحدني في ذلك الضريح، ولا تتركهم يأتوا بتراب فيلقونه علي، فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ.
قال: قلت: نعم يا سيدي.
قال: ثم قال لي: احفظ ما عهدت إليك، واعمل ولا تخالف.
قلت: أعوذ بالله أن أخالف لك أمرا يا سيدي.
قال هرثمة: ثم خرجت باكيا حزينا، فلم أزل كالحبة على المقلاة، لا يعلم ما في نفسي إلا الله (عز وجل). ثم دعاني المأمون، فدخلت إليه، فلم أزل قائما إلى ضحى النهار، ثم قال المأمون: امض يا هرثمة إلى أبي الحسن، فأقرئه عني السلام، وقل له:
إما تصير إلينا، أو نصير إليك، فإن قال لك: بل نصير إليه فاسأله عني أن يقدم مصيره.
قال: فجئته، فلما طلعت على سيدي (عليه السلام) قال لي: يا هرثمة، أليس قد حفظت ما وصيتك به؟ قلت: بلى، قال: قدموا بغلي. وقال: علمت ما قد أرسلك به.
قال: فقدمت بغله، ومشى إليه، فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه، وقبل بين عينيه، وأجلسه إلى جانبه على سريره، وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة، ثم قال لبعض غلمانه: إئتونا بعنب ورمان.
قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر، ورأيت النفضة عرضت في جسدي، فكرهت أن يتبين، فتراجعت القهقرى حتى خرجت، فرميت نفسي في موضع من الدار، فلما قرب نحو زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده، ورجع إلى داره.
ثم رأينا الآمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الأطباء والمترفقين، فقلت:
ما ذاك؟ فقيل: علة عرضت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام). فكان الناس في شك وكنت في يقين، لما علمته منه.
قال: فلما كان في بعض الليل، وهو الثلث الثاني، علا الصياح وسمعت