لي: يا علي، لا تنم الليلة حتى يأتيك رسولي، فبقيت تلك الليلة لا أنام، وأصحابي يساهدونني (1) الليل، فلما أصبحت إذا هو مقبل علي، ومعه أبناؤه جميعا، ونقل عياله وحشمه ومن معه، حتى نزل قرين الثعالب (2). ثم أتى مع الفجر على حمار له أسود، ومعه عمران خادمه، فسلم، فرددنا عليه السلام، وكأني أنظر إلى قوائم حماره من أطناب خيامنا، فقال: يا علي، أيما أحب إليك: أن تأتيني هاهنا، أو بمكة؟
قلت: أحبهما إليك.
قال: مكة خير لك. وانصرف، فقال لي عمران: تدري أين نزلنا العام؟
قلت: منزل أبي عبد الله (عليه السلام).
قال: لا، نزلنا العام في ذي طوى (3).
قلت: لا أعرف منزلكم.
قال: تعرف المسجد الصغير الذي على ظهر الطريق، الذي تصلي فيه المارة؟
قلت: نعم.
قال: اقعد لي ثم حتى آتيك.
فلما انصرفنا من منى أخذت طريقي إلى الموعد، فما استويت قاعدا حتى جاءني عمران، فقال: أجب. فأتيته، فوجدته في ظهر داره، في مسجد، قاعد، قد صلى المغرب، فلما دنوت منه، قال: اخلع نعليك فإنك بالواد المقدس طوى. فخلعت نعلي، وتخطيت المسجد، فقعدت معه، وأوتيت بخوان من خبيص مجفف بتمر، فأكلنا أنا وهو، وهو يقول لي: يا علي، كل تمرا. فأكلت، ثم رفع الخوان، فقال: يا علي، هلم الحديث، فوالله ما أنا بناعس ولا كسلان. وكنت أحدثه ثم غشيني النعاس (4)، فقال لي: قد