ثم سأله المأمون أن يخرج فيصلي بالناس، فقال له: هذا ليس بكائن. فأقسم عليه. فأمر القواد بالركوب معه، فاجتمع الناس على بابه، فخرج وعليه قميصان ورداء وعمامة، فأسدل ذؤابتها من قدام وخلف، مكحولا مدهنا، كما كان يخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فلما خرج من بابه ضج الناس بالبكاء، وكاد البلد يفتتن، واتصل الخبر بالمأمون، فبعث إليه: كنت أعلم مني بما قلت، فارجع. فرجع ولم يصل بالناس. (1) ثم زوجه ابنته، وسأله أن يخطب، فقال: الحمد لله الذي بيده مقادير الأقدار، وبمشيئته تتم الأمور، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة يواطئ القلب اللسان، والسر الاعلان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، انتجبه رسولا فنطق البرهان بتحقيق نبوته، بعد أمر لم (2) يأذن الله فيه، وقرب أمر مآب (3) مشيئة الله إليه، ونحن نتعرض بالدعاء لخيرة القضاء، والذي يذكر أم حبيب بنت أمير المؤمنين، صلة الرحم، وأمشاج للشبكة (4)، وقد بذلت لها خمسمائة درهم، فزوجتني يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
قال: قد قبلت ورضيت. (5) وجعله ولي عهده في حياته، وضرب الدراهم على اسمه، وهي: (الدراهم الرضوية) تعرف بذلك.
وجمع بني العباس وناظرهم، وألزمهم الحجة، وبين فضل الرضا، ورد فدك على ولد فاطمة (صلوات الله عليها).
ثم غدر به، وفكر في قتله، فقتله بطوس من خراسان، واستشهد ولي الله وقد كمل عمره تسعة وأربعين سنة وستة أشهر، في شهر رمضان يوم الجمعة سنة اثنتين ومائتين من الهجرة.