أنا بسيدي موسى يحركني برجله، ففزعت وقمت قائما، فإذا بتلك الجدران المشيدة، والأبنية المعلاة، وما حولنا من القصور والأبنية، قد صارت كلها أرضا (1)، فظننت بمولاي أنه أخرجني من المحبس الذي كان فيه، قلت: مولاي، خذ بيدي من ظالمك وظالمي.
فقال: يا مسيب، تخاف القتل؟
قلت: مولاي، معك لا.
فقال: يا مسيب فاهدأ على حالتك، فإنني راجع إليك بعد ساعة واحدة، فإذا وليت عنك فسيعود المحبس إلى شأنه.
قلت: يا مولاي، فالحديد الذي عليك، كيف تصنع به؟
فقال: ويحك يا مسيب! بنا والله، ألان الله الحديد لنبيه داود، كيف يصعب علينا الحديد؟!
قال المسيب: ثم خطا، فمر بين يدي خطوة ولم أدر كيف غاب عن بصري، ثم ارتفع البنيان وعادت القصور على ما كانت عليه، واشتد اهتمام نفسي، وعلمت أن وعده (2) الحق، فلم أزل قائما على قدمي، فلم ينقض إلا ساعة كما حده لي، حتى رأيت الجدران والأبنية قد خرت إلى الأرض سجدا، وإذا أنا بسيدي (عليه السلام) وقد عاد إلى حبسه، وعاد الحديد إلى رجليه، فخررت ساجدا لوجهي بين يديه، فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب، وأعلم أن سيدك راحل عنك إلى الله في ثالث هذا اليوم الماضي.
فقلت: مولاي، فأين سيدي علي؟
فقال: شاهد (3) غير غائب يا مسيب، وحاضر غير بعيد، يسمع ويرى.
قلت: يا سيدي، فإليه قصدت؟
قال: قصدت والله يا مسيب، كل منتخب (4) لله على وجه الأرض شرقا وغربا،