فركبت دابتي وانصرفت (1).
وقيل: إنه كان بالمدينة رجل من ولد عمر بن الخطاب يؤذيه ويشتم عليا (صلوات الله عليه)، وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله. فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر، وسأل عن العمري، فذكر له أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري:
لا تطأ زرعنا. فتوطأه بالحمار، حتى وصل إليه، فنزل وجلس عنده، وضاحكه، وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له: مائة دينار.
قال: فكم ترجو أن تصيب فيه؟ قال: لا أعلم الغيب.
قال: إنما قلت لك: كم ترجو فيه؟
قال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار.
قال: فأعطاه ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله. قال: فقام العمري فقبل رأسه، وانصرف.
قال: فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. قال: فوثب أصحابه فقالوا له: ما قصتك؟! قد كنت تقول خلاف هذا! فخاصمهم وسابهم، وجعل يدعو لأبي الحسن موسى (عليه السلام) كلما دخل وخرج.
قال: فقال أبو الحسن موسى (عليه السلام) لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري: أيما كان أخير: ما أردتم أو ما أردت؟ أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار. (2) وقال محمد ابنه: خرجت مع أبي إلى ضياعه (3)، وأصبحنا في غداة باردة، وقد دنونا منها وأصبحنا عند عين من عيون ساية (4)، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد