فطلب خلالة، فدفعت إليه خلالة، فأقبل يغرز الرطبة بعد الرطبة يأكلها، حتى مرت به الكلبة، فغرز رطبة من ذلك الرطب، ورمى بها إلى الكلبة، فأكلتها، وأكل باقي الرطب، فكان ما ترى.
فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب، وضيعنا سمنا، وقتلنا كلبتنا. (1) 263 / 6 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن علي ابن الزبير البلخي ببلخ، قال: حدثنا حسام بن حاتم الأصم، قال: حدثني أبي، قال:
قال لي شقيق - يعني ابن إبراهيم (2) البلخي -: خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلنا القادسية، قال شقيق: فنظرت إلى الناس في زيهم بالقباب والعماريات (3) والخيم والمضارب، وكل إنسان منهم قد تزيا على قدره، فقلت: اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين.
فبينما أنا قائم، وزمام راحلتي بيدي، وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس، إذ نظرت إلى فتى حدث السن، حسن الوج، شديد السمرة، عليه سيماء العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجادة (4) كأنها كوكب دري، وعليه من فوق ثوبه شملة من صوف، وفي رجله نعل عربي، وهو منفرد في عزلة من الناس، فقلت في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلة، يريد أن يكون كلا على الناس في هذا الطريق، والله لأمضين إليه، ولأوبخنه.
قال: فدنوت منه، فلما رآني مقبلا نحوه قال لي: يا شقيق * (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا) * (5) وقرأ الآية، ثم تركني ومضى، فقلت في