عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، أنه حدث عن زيد بن أرقم قال: مضى الناس، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال مؤتة، فالتقى الناس عندها وتعبأ المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له: عبادة بن مالك. ثم التقوا فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صل الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم. ثم أخذها جعفر بن أبي طالب فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل. فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام.
أخبرنا محمد بن جرير، قال حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة وأبو ثميلة عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن الزبير عن أبيه عباد، قال حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف. وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة. قال:
والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل.
حدثنا أحمد بن عمر بن موسى بن رنجويه قال: حدثني إبراهيم بن الوليد ابن سلمة القرشي. قال حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الملك بن عقبة. عن أبي يونس عن عبد الرحمان بن سمرة. قال: بعثني خالد بن الوليد بشيرا إلى رسول الله يوم مؤتة. فلما دخلت المسجد قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله على رسلك يا عبد الرحمان أخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل زيد فقتل، فرحم الله زيدا. ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فقاتل جعفر فقتل، فرحم الله جعفرا. ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل عبد الله بن رواحة فقتل فرحم الله عبد الله.
قال: فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وهم حوله فقال:
ما يبكيكم؟ فقالوا: ما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا.
فقال: لا تبكوا، فإنما مثل أمتي كمثل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكيها