ونحن ذاكرون في كتابنا هذا إن شاء الله وأيد منه بعون وإرشاد جملا من أخبار من قتل من ولد أبي طالب منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوقت الذي ابتدأنا فيه هذا الكتاب، وهو في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة للهجرة، ومن احتيل في قتله منهم بسم. سقيه وكان سبب وفاته، ومن خاف السلطان وهرب منه فمات في تواريه، ومن ظفر به فحبس حتى هلك في محبسه، على السياقة لتواريخ (1) مقاتل من قتل منهم، ووفاة من توفى بهذه الأحوال، لا على قدر مراتبهم في الفضل والتقدم. ومقتصرون في ذكر أخبارهم على من كان محمود الطريقة، سديد المذهب، لا من كان بخلاف ذلك، أو عدل عن سبيل أهله ومذاهب أسلافه، أو كان خروجه على سبيل عبث وإفساد. وعلى أنا لا ننتفي من أن يكون الشئ من أخبار المتأخرين منهم فاتنا ولم يقع إلينا، لتفرقهم في أقاصي المشرق والمغرب، وحلولهم في نائي الأطراف وشاسع المحال التي يتعذر علينا استعلام أخبارهم فيها، ومعرفة قصصهم لاستيطانهم إياها سيما مع قصور زماننا (2) هذا وأهله، وخلوه من مدون الخبر، أو ناقل الأثر كما كان المتقدمون قبلهم يدونون ويصنفون وينظمون ويرصفون. ومن اعترف بالتقصير خلا من التأنيب. وجاعلون ما نؤلفه في هذا الكتاب ونأتي به، على أقرب ما يمكننا من الاختصار ونقدر عليه من الاقتصار، وجامعون فيه ما لا يستغنى عن ذكره من أخبارهم وسيرهم ومقاتلهم وقصصهم، إذ كان استيعاب ذلك وجمعه من طرقه ووجوهه يطول جدا ويكثر ويثقل على جامعه وسامعه، والاختصار لمثل هذا أخف على الحامل والناقل.
والله المسؤول حسن التوفيق والمعونة على ما أرضاه من قول، وأزلف لديه من عمل. وهو حسبنا ونعم الوكيل.