كتاب الله يجمع كل شئ، فقرأته فإذا فيه (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة).
فما أدري من يلينا منهم، فأعدت النظر، فوجدته يقول: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) فعلمت ان علي ان ابدأ بما قرب منى. وتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو لهم، لان الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهرا فأمسك الناس وطفقت تنقض عراه عروة عروة، فأنت أشد أعداء آلاء سلام ضررا عليه.
وهي رسالة طويلة قد أتينا بها في الكتاب الكبير.
واخبرني جعفر بن محمد الوراق الكوفي، قال: حدثني عبد الله بن علي بن عبيد الله العلوي الحسيني، عن أبيه قال: كتب المأمون إلى عبد الله بن موسى وهو متوار منه يعطيه الأمان، ويضمن له ان يوليه العهد بعده، كما فعل بعلي بن موسى ويقول: ما ظننت ان أحدا من آل أبي طالب يخافني بعد ما عملته بالرضا، وبعث الكتاب إليه.
فكتب إليه عبد الله بن موسى: وصل كتابك وفهمته، تختلني فيه عن نفسي ختل القانص، وتحتال على حيلة المغتال القاصد لسفك دمي، وعجبت من بذلك العهد وولايته لي بعدك، كأنك تظن انه لم يبلغني ما فعلته بالرضا، ففي أي شئ ظننت اني ارغب من ذلك؟ أفي الملك الذي قد غرتك نصرته وحلاوته؟ فوالله لان اقذف وانا حي في نار تتأجج أحب إلي من أن ألي امرا بين المسلمين أو اشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل. أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا؟
أم ظننت ان الاستتار قد أملني وضاق به صدري، فوالله إني لذلك، ولقد مللت الحياة وأبغضت الدنيا، ولو وسعني في ديني ان أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك، ولكن الله قد حظر علي المخاطرة بدمي، وليتك قدرت