يعرف بالهيضم بن العلاء العجلي فوافى يحيى في عدة من أهله وعشيرته، وقد تعبت خيلهم ورجالهم فصاروا في عسكره فحين التقوا كان أول ما انهزم الهيضم هذا.
وذكر قوم ان الحسين بن إسماعيل كان راسله في هذا واجمعا رأيهما عليه.
وقال قوم: بل انهزم للتعب الذي لحقه.
حدثني علي بن سليمان الكوفي، قال: حدثني أبي قال: اجتمعت انا والهيضم يوما فتذاكرنا أمر يحيى فحلف بالطلاق الثلاث انه لم يكن له في الهزيمة صنع، وإنما كان يحيى رجلا نزقا في الحرب، فكان يحمل وحده فيرجع فنهيته عن ذلك فلم يقبل، وحمل مرة كما كان يفعل فبصرت عيني به وقد صرع في وسط عسكرهم فلما رأيته قد قتل انصرفت بأصحابي.
رجع الحديث إلى رواية ابن عمار. قال: فلما رأى يحيى هزيمة الهيضم لم يزل يقاتل مكانه حتى قتل، فأخذ سعد الضبابي رأسه، وجاء به إلى الحسين بن إسماعيل، وكانت في وجهه ضربات لم يكد يعرف معها، ولم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيى، فوجه إليهم الحسين بن إسماعيل أبا جعفر الحسني الذي تقدم ذكره يعلمهم انه قد قتل، فشتموه واسمعوه ما يكره وهموا به، وقتلوا غلاما له، فوجه إليهم أخا كان لأبي الحسن يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن أبي طالب، وكان رجلا رفيقا مقبولا، فعرف الناس قتل أخيه فضجوا بالبكاء والصراخ والعويل وانصرفوا وانكفأ الحسين بن إسماعيل إلى بغداد ومعه رأس يحيى بن عمر. فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكارا له ويقولون: إن يحيى لم يقتل، ميلا منهم إليه، وشاع ذلك حتى كان الغوغاء والصبيان يصيحون في الطرقات: ما قتل وما فر، ولكن دخل البر. ولما أدخل رأس يحيى إلى بغداد اجتمع أهلها إلى محمد بن عبد الله بن طاهر يهنئونه بالفتح، ودخل فيمن دخل على محمد بن عبد الله بن طاهر، أبو هاشم داود بن (القاسم) الجعفري وكان ذا عارضة ولسان، لا يبالي ما استقبل الكبراء وأصحاب السلطان به.