عن إدريس بن زيد، قال: عرض رجل للرشيد فقال: يا أمير المؤمنين نصيحة.
فقال لهرثمة: اسمع ما يقول.
قال: إنها من أسرار الخلافة. فأمره ألا يبرح، فلما كان في وقت الظهيرة دعا به فقال: اخلني، فالتفت الرشيد إلى ابنيه فقال: انصرفا فانصرفا، وبقي خاقان والحسن على رأسه فنظر الرجل إليهما، فقال الرشيد: تنحيا عني، ففعلا، ثم اقبل على الرجل فقال: هات ما عندك.
قال: على أن تؤمنني من الأسود والأحمر. قال: نعم، وأحسن إليك قال: كنت في خان من خانات حلوان، فإذا أنا بيحيى بن عبد الله في دراعة صوف غليظة وكساء صوف احمر غليظ، ومعه جماعة ينزلون إذا نزل ويرتحلون إذا رحل ويكونون معه ناحية، فيوهمون من رآهم انهم لا يعرفونه وهم أعوانه، مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به إن عرض له.
قال: أو تعرف يحيى؟ قال: قديما وذاك الذي حقق معرفتي بالأمس له.
قال: فصفه لي. قال: مربوع، أسمر، حلو السمرة، أجلح، حسن العينين عظيم البطن.
قال: هو ذاك. فما سمعته؟ قال ما سمعته يقول شيئا، غير أني رأيته رأيت غلاما له اعرفه لما حضر وقت صلاته فأتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبته الصوف ليغسلها فلما كان بعد الزوال صلى صلاة ظننتها العصر، أطال في الأولتين وحذف الأخيرتين.
فقال له الرشيد: لله أبوك، لجاد ما حفظت، تلك صلاة العصر وذلك وقتها عند القوم، أحسن الله جزاءك، وشكر سعيك فما أنت؟ وما أصلك؟
فقال: أنا رجل من أبناء هذه الدولة، واصلي مرو، ومنزلي بمدينة السلام.
فأطرق مليا ثم قال: كيف احتمالك لمكروه مني تمتحن به في طاعتي؟
قال: أبلغ في ذلك حيث أحب أمير المؤمنين.
قال: كن بمكانك حتى ارجع، فقام فطعن في حجرة كانت خلفه، فأخرج