ابن جعفر: أشر علي يا أبا جعفر؟
قال: أتت في أقل بلاد الله فرسا وطعاما وأضعفه رجلا وأقله مالا وسلاحا تريد ان تقاتل أكثر الناس مالا وأشده رجالا وأكثره سلاحا واقدره على الطعام؟
الرأي ان تسير بمن اتبعك إلى مصر (فوالله لا يردك راد) فتقاتل بمثل سلاحه (وكراعه) ورجاله وماله.
فقال جبير بن عبد الله: أعيذك بالله ان تخرج من المدينة فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عام أحد: رأيتني أدخلت يدي في درع حصينة فأولها بالمدينة.
فترك محمد ما أشار به عبد الحميد وأقام.
قال المدائني: واقبل عيسى بن موسى إلى المدينة فكان أول من لقيهم إبراهيم ابن جعفر الزبيري على بنية وأقم فعثر فرسه فسقط وقتل.
وسلك عيسى بطن فرات حتى ظهر على الجرف فنزل قصر سليمان بن عبد الملك صبيحة اثنتي عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة يوم السبت، وأراد ان يؤخر القتال حتى يفطر، فبلغه ان محمدا يقول: إن أهل خراسان على بيعتي وحميد بن قحطبة قد بايعني، ولو قدر ان ينفلت فلت. فعاجلهم عيسى بالقتال فلم يشعر أهل المدينة يوم الاثنين للنصف من شهر رمضان إلا بالخيل قد أحاطت بهم حين أسفروا، وقال لحميد: أراك مداهنا وأمره بالتجرد لقتال محمد فتولى قتال عيسى بن موسى في ذلك اليوم عيسى بن زيد ومحمد جالس بالمصلى واشتد الامر بينهم، ثم جاء محمد فباشر القتال بنفسه فكان بإزاء محمد حميد ابن قحطبة وبإزاء يزيد وصالح ابني معاوية بن عبد الله بن جعفر كثير بن حصين، وكان محمد ابن أبي العباس وعقبة بن مسلم بإزاء جهينة. فأرسل صالح ويزيد إلى كثير يطلبان الأمان فاستأذن عيسى فقال: لا أمان لهما عندي فأعلمهما فهربا.
فاقتتلوا إلى الظهر ورماهم أهل خراسان بالنشاب وأكثروا فيهم الجراح وتفرقوا عن محمد فأتى دار مروان فصلى الظهر فيها فاغتسل وتحنط فقال عبد الله بن جعفر