جميع أبواب وكتب الكافي - أصولا، وفروعا، وروضة - بينما سلك الصدوق طريقة أخرى، وهي اختصار الأسانيد فيما يرويه من الأحاديث وذلك بحذف أوائل السند والرواية مباشرة عن المعصوم عليه السلام بواسطة من رواه عنه من أصحابه، وهكذا سار في أغلب أحاديث الفقه، ثم وضح طريقه إلى من روى عنه من أصحاب الأئمة عليهم السلام في آخر الكتاب، وذلك بتفصيل طرقه إليهم عبر مشايخه، وهو ما يعرف: بمشيخة الفقيه - التي خصصت لها هذه الفائدة - وهذه المشيخة هي المرجع في اتصال أسانيد الكتاب.
ثم بين المصنف اهتمام العلماء بهذه المشيخة، وشرحهم لها، وعدد جملة من تلك الشروح، منبها إلى ما سيذكره في هذه الفائدة من تنبيهات هامة، مصرحا بأنها بمثابة الشرح والايضاح لما ذكره الشيخ الحر العاملي - قدس سره - في الفائدة الأولى من فوائد خاتمة وسائل الشيعة، ولهذا نرى المصنف قد اعتمد ترتيب خاتمة الوسائل في ذكر طرق الصدوق - رضي الله تعالى عنه - فابتدأها - كما ابتدأ الشيخ الحر فائدته الأولى - بطريق الصدوق إلى أبان بن تغلب، ومنتهيا بما كان من وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية، فكان عدد الطرق ثلاثمائة وخمسة وثمانين طريقا، تشعبت منها وتفرعت طرق كثيرة جدا، واشتملت هذه الطرق - بشعبها وفروعها - على الجم الغفير من رواة الشيعة. وربما لا نجد طريقا واحدا من بين هذه الطرق إلا وقد ضم من رجالات الشيعة من كان قطبا للرواية ومحورا لرواة الحديث الشريف في ذلك العصر البهي المستضئ بنور أهل البيت عليهم السلام.
فلا بدع إذا في أن نجد المصنف قد شغف بأولئك العظام حبا بعد أن تأكد من نزاهتهم وسلامتهم من كل شين، وبعد أن برهن على صدقهم ودل على وثاقتهم، وعرف ولاءهم لأئمتهم عليهم السلام ووفاءهم لهم، والنصح