ثم بين المصنف أن هذه القرائن لم تراع في اصطلاح المتأخرين للحديث الصحيح لفقدانها كلا أو جلا، وإنما كانت عنايتهم بالأمور الداخلية للخبر، والإحالات النفسية للراوي كالوثاقة والتثبت والضبط.
ومن هنا يرى المصنف ان الحكم بصحة حديث أحد من قدماء الأصحاب، من دون الإضافة إلى كتابه - كأن يقال عنه في كتب الرجال:
صحيح الحديث - لا يصح أن يكون ذلك الحكم لأجل الأمور الخارجية المتوقفة على كل ما رواه ودونه وعرضه عليها فحسب، بل لابد وأن يكون ناظرا لما علم من حال ذلك الشخص، وما عرف من سيرته وطريقته من الوثاقة والتثبت والضبط، والبناء على نقل الصحيح من هذه الجهة.
وعليه فقول النجاشي - مثلا - في حق ثقة الاسلام الكليني: (كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم) رجال النجاشي (ص 377 رقم 26 10) يثبت هذا المعنى، ويبعد من احتمال تلقي الكليني عن الضعيف والمجهول، لأنه ينافي كونه: أوثق الناس.. وأثبتهم.
وقد تنبه المصنف إلى ما قد يرد عليه من نفي الملازمة بين قول النجاشي، ورواية ثقة الاسلام عن ضعيف أو مجهول عند من يقول باجتهاد الكليني في تقييم رواة الكافي، لا سيما وان النجاشي نفسه قد ضعف رجالا وقعوا في أسانيد الكافي، وحكم بجهالة بعضهم، ورمى آخرين بالغلو بل ووضع الحديث أيضا، مما يدل على أن اجتهاد ثقة الاسلام إزاء بعض الرواة لم يكن مسلما عند الجميع!
لذا بين المصنف ما قاله العلماء قبله بشأن اختلاف القدماء مع المتأخرين في معنى الحديث الصحيح، حيث كان الأوائل ينظرون إلى الحديث من زاوية القرائن المتقدمة وباعتبار ما وثقوا بكونه صادرا عن المعصوم عليه السلام فهو أعم من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من