فأنعمت (14) علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري؟ إلى الجنة تزفني؟ أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والأرض، ومن كرسيك الواسع، وعرشك العظيم، فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه، وقد أحاطت به السباع وصفت فوقه الطير، وهم يبكون لبكائه.
فدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأطلق يديه من عنقه، ونفض التراب عن رأسه، وقال: " يا بهلول أبشر، فإنك عتيق الله من النار " ثم قال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: " هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها (15) بهلول " ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة.
ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن معمر، عن رجل، أنه دخل عمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذكر ما يقرب منه، وفيه: أنه نزل جبرئيل بعد ما دعا الشاب أن يحرقه الله بنار الدنيا، ناشرا أجنحته أحدها في المشرق والآخر في المغرب، وقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: أأنت خلقت الخلق أم أنا؟ فقال: اللهم لا بل أنت خلقتني وإياهم، قال: ويقول: أنت ترزقهم أم أنا؟ قال: لا، أنت ترزقني وإياهم، قال: ويقول: أنت تقبل توبتهم أم أنا؟ قال: لا بل أنت تقبل منهم، قال: فلم آيست عبدي؟ أدعه واقبل توبته، وقل له: إني قبلت توبته ورحمت عليه، ونزل بهذه الآية: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إلى قوله إنه هو الغفور الرحيم) * (16).
[13713] 6 القطب الراوندي في لب اللباب قال: قال جعفر الصادق (عليه السلام): " ينبغي للتائب أن يكون في الناس كظبية مجروحة في