وغيرهم إذا نقل واحد منهم قولا عن أبي حنيفة أو غيره من علماء العامة أو الخاصة أو نقل كلاما من كتاب معين ورجعنا إلى وجداننا نرى أنه قد حصل لنا العلم بصدق دعواه وصحة نقله لا الظن، وذلك علم عادي كما نعلم أن الجبل لم ينقلب ذهبا والبحر لم ينقلب دما.
فكيف يحصل العلم من نقله عن غير المعصوم ولا يحصل من نقله عن المعصوم غير الظن مع أنه لا يتسامح ولا يتساهل من له أدنى ورع وصلاح في القسم الثاني، وربما يتساهل في الأول، والطرق إلى العلم واليقين كانت كثيرة بل بقي منها طرق متعددة كما عرفت.
وكل ذلك واضح لولا الشبهة والتقليد، فكيف إذا نقل جماعة كثيرة واتفقت شهادتهم على النقل والثبوت والصحة، وقد وجدت هذا المضمون في بعض تحقيقات الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني بخطه قدس سره، العاشر أنا كثيرا ما نقطع في حق كثير من الرواة أنهم لم يرضوا بالافتراء في رواية الحديث، والذي لم يعلم ذلك منه يعلم أنه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه، والفائدة في ذكره مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم.
الحادي عشر أن طريقة القدماء موجبة للعلم، مأخوذة عن أهل العصمة لأنهم قد أمروا باتباعها وقرروا العمل بها، فلم ينكروه، وعمل بها الامامية في مدة تقارب سبعمائة سنة منها في زمان ظهور الأئمة عليهم السلام قريب من ثلاثمائة سنة، واصطلاح الجديد ليس كذلك قطعا، فتعين العمل بطريقة القدماء.
الثاني عشر أن طريقة المتقدمين مباينة لطريقة العامة، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلامهم الشيخ حسن وغيره، وقد أمرنا الأئمة عليهم السلام باجتناب طريقة العامة وقد تقدم (5) بعض ما يدل على ذلك في القضاء في أحاديث ترجيح الحديثين المختلفين وغيرها.