الفائدة التاسعة في ذكر الاستدلال على صحة أحاديث الكتب التي نقلنا منها هذا الكتاب وأمثالها تفصيلا، ووجوب العمل بها.
فقد عرفت الدليل على ذلك إجمالا، ويظهر من ذلك ضعف الاصطلاح الجديد على تقسيم الحديث إلى صحيح، وحسن، وموثق، وضعيف، الذي تجدد في زمن العلامة، وشيخه أحمد بن طاووس.
والذي يدل على ذلك وجوه الأول أنا قد علمنا علما قطعيا بالتواتر والاخبار المحفوفة بالقرائن، أنه قد كان دأب قدمائنا وأئمتنا عليه السلام في مدة تزيد علي ثلاثمائة سنة، ضبط الأحاديث وتدوينها في مجالس الأئمة عليهم السلام وغيرها، وكانت همة علمائنا مصروفة في تلك المدة الطويلة في تأليف ما يحتاج إليه من أحكام الدين لتعمل به الشيعة وقد بذلوا أعمارهم في تصحيحها وضبطها وعرضها على أهل العصمة، واستمر ذلك إلى زمان الأئمة الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة، وبقيت تلك المؤلفات بعدهم أيضا مدة، وأنهم نقلوا كتبهم من تلك الكتب المعلومة المجمع على ثبوتها وكثير من تلك وصلت إلينا، وقد اعترف بهذا جمع من الأصوليين أيضا.
الثاني أنا قد علمنا بوجود أصول صحيحة ثابتة كانت مرجع الطائفة المحقة يعملون بها بأمر الأئمة عليهم السلام، وأن أصحاب الكتب الأربعة وأمثالها كانوا متمكنين من تمييز الصحيح من غير غاية التمكن، وأنها كانت متميزة غير مشتبهة، وأنهم كانوا يعلمون أنه مع التمكن من تحصيل الأحكام الشرعية بالقطع واليقين لا يجوز العمل بغيره، وقد علمنا أنهم لم يقصروا في ذلك، ولو قصروا لم يشهدوا بصحة تلك الأحاديث، بل المعلوم من حال أرباب السير والتواريخ أنهم لا ينقلون من كتاب غير معتمد مع تمكنهم من النقل من كتاب معتمد فما الظن برئيس المحدثين (1)