في القضاء وغيره، ولم يخالف أحد من العقلاء في جواز العمل به، سواء قالوا بحجية الأصل أم لا.
ولا يرد أنه يلزم جواز العمل بأحاديث العامة والكتب التي ليست بمعتمدة لأنا نجيب بالنص المتواتر في النهي عن العمل بذلك القسم، فإن لم يكن هناك نص كان عملنا بأحاديث الواردة في الاحتياط.
الحادي والعشرون أن أصحاب الكتب الأربعة وأمثالهم قد شهدوا بصحة أحاديث كتبهم، وثبوتها ونقلها من الأصول المجمع عليها، فان كانوا ثقات تعين قبول قولهم وروايتهم ونقلهم لأنه شهادة بمحسوس، وان كانوا غير ثقات صارت أحاديث كتبهم كلها ضعيفة لضعف مؤلفيها وعدم ثبوت كونهم ثقات بل ظهور تسامحهم وتساهلهم في الدين وكذبهم في الشريعة، واللازم باطل فالملزوم مثله.
الثاني والعشرون أن من تتبع كتب الاستدلال علم قطعا أنهم لا يردون حديثا لضعفه باصطلاحهم الجديد، ويعملون بما هو أوثق منه ولا مثله، بل يضطرون إلى العمل بما هو أضعف منه، هذا إذا لم يكن له معارض من الحديث، ومعلوم أن ترجيح الأضعف على الأقوى غير جائز، وقد ذكر أكثر هذه الوجوه بعض المحققين من المتأخرين وإن كان بعضها يمكن المناقشة فيه فمجموعها لا يمكن رده عند الانصاف.
ومن تأمل وتتبع علم أن مجموع هذه الوجوه بل كل واحد منها أقوى وأوثق من أكثر أدلة الأصول، وناهيك بذلك برهانا، فكيف إذا إليها الأحاديث المتواترة السابقة في كتاب القضاء.
وعلى كل حال فكونها أقوى بمراتب من دليل الاصطلاح الجديد لا ينبغي أن يرتاب فيه منصف، والله الهادي.