عدم جواز القيام إنما هو في الإمام العدل إذا حدث فسقه بعد انعقاد الخلافة له وأما الفاسق قبل عقدها فاتفقوا على أنها لا تنعقد لها ويزيد كان كذلك قبل انعقادها له، وقال الآبي: هذا ليس بشيء لأنه وإن لم يجز عقدها للفاسق ابتداء لكنه إن انعقدت ودفعت إليه صار بمنزلة من حدث فسقه بعد انعقادها فلا يجوز القيام عليه، ولا يخفى ضعف هذا القول (1). هذا ما ذكروه في كتبهم وفي تفاسير أحاديثهم وأوصاف إمامهم وأنت إذا تأملت فيه علمت أن كل فاسق فاجر جاهل يصح أن يكون عندهم اولي الأمر وإماما مفترض الطاعة. ثم قول المازري يجب طاعة الإمام في جميع الامور إلا في معصية يفيد أن المأموم لابد أن يكون عالما بالأحكام والشرائع ليعلم أن قول إمامه في هذا موافق للشرع فيطيعه وفي ذاك مخالف له، وإن أراد وجب على المأموم طاعته في كل ما لم يعلم مخالفته للشرع سواء كان مخالفا للشرع في نفس الأمر أو لا لزم أن يأمرنا الله سبحانه بإطاعة الجاهل فيما هو جاهل ومخالف للشرع، فاعتبروا يا اولي الأبصار.
قوله (يؤمنون بالجبت والطاغوت) قال الجوهري: الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك، والطاغوت: الكاهن والشيطان وكل رأس في الضلالة وهو قد يكون واحدا قال تعالى (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به) وقد يكون جمعا قال تعالى (أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم) وقال القاضي: الجبت في الأصل: اسم صنم فاستعمل في كل ما عبد من دون الله، وقيل: أصله الجبس وهو الذي لا خير فيه فقلبت سينه تاء، والطاغوت يطلق لكل باطل.