شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٩
يحيى الحلبي، عن محمد الأحول، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله عز وجل: (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب)؟ فقال: النبوة، قلت: (الحكمة)؟ قال: الفهم والقضاء، قلت: (وآتيناهم ملكا عظيما)؟ فقال: الطاعة.
4 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) فقال: يا أبا صالح نحن والله الناس المحسودون.
* الشرح:
قوله: (فقال: النبوة) إطلاق الكتاب على النبوة باعتبار أنه مستلزم لها; أو باعتبار أنه عبارة عن المكتوب وإيتاء النبوة كان مكتوبا في اللوح المحفوظ بقلم التقدير.
قوله (قال: الفهم والقضاء) يعني أن الحكمة عبارة عن العلم بالله وأسرار التوحيد والقوانين الشرعية والقضاء بين الناس بالعدل فهي عبارة عن الحكمة النظرية والعملية وبناء الخلافة عليهما.
قوله (فقال: الطاعة) أي طاعة الخلق لهم في خصالهم وأفعالهم وأقوالهم وعقائدهم وهي ملك عظيم لا يوازيها شيء. (1)

1 - قوله: «لا يوازيها شيء» الطاعة المطلقة لغير المعصوم قبيحة عند جميع عقلاء البشر لأن غير المعصوم ربما يأمر بالقبيح ولذلك اتفقوا على ذم الحكومة المطلقة وعلى أن لابد من تقييدها بشيء كما مر، واختار صاحب تفسير المنار مذهبا يوفق به على زعمه بين ما يعتقده أهل السنة في الإمامة وما اختاره النصارى وساير الأمم في عصرنا من الحكومة الدستورية، قال بعد تفسير أولي الأمر وأنهم أهل الحل والعقد: يجب على الحكام الحكم بما يقرره أولوا الأمر وتنفيذه وبذلك تكون الدولة الإسلامية مؤلفة من جماعتين أو ثلاث، الأولى:
جماعة المبينين لأحكام الدين يعبر عنهم أهل العصر بالهيئة التشريعية. الثانية: جماعة الحاكمين والمنفذين وهم الذين يطلق عليهم اسم الهيئة التنفيذية. والثالثة: جماعة المحكمين في التنازع، انتهى، أقول: إن ما تصوره أهل السنة من شرائط الإمام ووضائفه وعزله مما لم يتحقق قط ولن يتحقق إلى يوم القيامة وعلى فرض تحققه فنسلم أنه ليس حكومة مطلقة لأن الخليفة عندهم موظف بتنفيذ أحكام الدين ولا يجوز له التخلف عنها وهذه حكومة مقيدة يرضى بها جميع المسلمين وليس بينه وبين الحكومة الدستورية فرق من جهة رضى الرعية بالأحكام الجارية عليهم ولكن يباينها من وجوه: الأول: أنه لا يجوز التشريع في الإسلام باتفاق جميع المذاهب بل أحكام المعاملات والسياسات مبينة في الفقه كل فريق على مذهبه وليس موضع للقوة المقننة تشرع حكما لا يوافق أحكام الشريعة ولا يجوز على أحد قبولها فإذا وضعوا حكما في النكاح أو الطلاق أو البيع أو الحدود مخالفا للشرع فهو باطل وإن كان مما سكت عنه الشرع فهو غير ملزم أيضا، إن لم يريدوا لم يطيعوا وليس عليهم مؤاخذة فليس في دين الاسلام قوة تشريعية غير ما قرره الشريعة وبينه العلماء. الثاني: ان الهيئة التنفيذية أو القوة المجرية بناء على مذهب أهل السنة والجماعة وإن كانت مقيدة مشروطة بأحكام الشرع وموظفة بمراعاتها كما أن الحكومة الدستورية مقيدة بإطاعة القوة التشريعية لكن أهل عصرنا اخترعوا وسائل لتحقيق هذا المقصود وعزل الحكام إن تخلفوا من غير تهييج فتن وقتل ونكبة بل بمجرد إظهار المندوبين عدم الرضا بهم ولم يبين متكلموا أهل السنة طريقا لعزل الخليفة يمكن أن يتحقق بغير الحرب وإراقة الدماء وتهييج الفتن. الثالث: أن في الحكومة الدستورية يطلب آراء جميع أهل البلاد من كل قرية وبلد صغير أو كبير في كل صقع من الأصقاع فيرسلون مندوبا ويتشاورون ولم يشترط أهل السنة في نصب الخليفة ذلك حتى في خلافة أبي بكر وهو أحق من يستأهل لها عندهم وقد كان أهل جزيرة العرب عند رحلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مؤمنين أو مسلمين ولم يكن في سقيفة بني ساعدة إلا جماعة قليلة لم يكن فيهم مندوب من شيء من البلاد والقبائل بل ولا من أهل المدينة ولم يبينوا للمسلمين أن لهم رأيا ولا أنهم مختارون في البيعة بل واجهوا كل من أظهر الخلاف بالسيف وكل متعتع بالقتل والنكال والطرد والنسبة إلى الارتداد حتى استتب الأمر لأبي بكر وأكثر الناس سكتوا منتظرين لتصميم أمير المؤمنين (عليه السلام) والذين معه حتى رأى المصلحة في الموافقة بعد وفاة فاطمة (عليها السلام) فتبعه الناس وقد قال قائلهم لأبي بكر: إنه لن يتم لك الأمر حتى يبايعك علي (عليه السلام). (ش)
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354