واجتذب وهذا من هذا القبيل وزيادة البناء للدلالة على زيادة المبالغة في المعنى.
قوله: (وأنبأه فضل بيان علمه) هذا وما ذكره بعده إلى قوله: «وأحيا به» كالتأكيد للسابق.
قوله: (والضياء لأهل دينه) فإن الإمام نور من نور رب العالمين به يستضيء أهل الدين بل أهل السماوات والأرضين ولولاه لوقعوا في ظلمة التحير والضلالة ورتعوا في مرعى البدعة والجهالة.
قوله: (واسترعاه لدينه) يعني جعله راعيا أي واليا حافظا لدينه وحقوقه فحفظه يقال استرعاه لشيء فرعاه من رعيته رعاية بمعنى حفظته، والراعي منه بمعنى الوالي الحافظ أو جعله راعيا لأهل دينه من رعيت الإبل بمعنى أرسلتها إلى مرعاها على سبيل التشبيه، وعلى التقديرين استفعل هنا بمعنى فعل نحو قر واستقر والزيادة للتأكيد لا للطلب كما في قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم) إذ الطلب لا يستلزم الحصول.
قوله: (وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده) المراد بإحيائه هذه الأمور بسبب الإمام بيانها وإيضاحها للخلق وإرشادهم إليها وإقامتها على سبيل التشبيه والاستعارة التبعية.
قوله: (عند تحير أهل الجهل وتحير أهل الجدل) أريد بالأول صاحب الجهل المركب وكلاهما في مقام التحير وإن كان التحير في الثاني أبلغ وأشد. والجار أعني قوله «بالنور الساطع والشفاء النافع» متعلق بمقام أو بالعدل والباء إما للاستعانة أو للسبية والأول ناظر إلى الأول والثاني إلى الثاني لأن النور الساطع وهو العلم اللامع المرتفع ضوءه كالصبح أنسب بالجهل ورفع ظلمته والشفاء النافع وهو البرهان القاطع أنسب بالجدل ورفع بدعته.
قوله: (بالحق الأبلج) أي الحق الواضح الذي لا يشتبه على أحد بدل لقوله «بالنور الساطع» أو حال عنه أي متلبسا ذلك النور بالحق الأبلج وقوله «والبيان من كل مخرج» بدل لقوله «والشفاء النافع» أو حال عنه، والمراد بكل مخرج كل موضع يخرج منه الحق عند اشتباهه للقاصرين.
وقوله: (على طريق المنهج) متعلق بقام والإضافة للبيان والمراد به طريق الحق لأنه طريق واضح لأرباب العرفان.
قوله: (فليس يجهل من لم يعرف حق هذا العالم) وجهل به، ثلاثة أصناف أشار إليها على الترتيب لأنه إما أن يقتصر على الجهل به ولم يجحده أو ضم إليه الجحد والإنكار، والأول هو الشقي الذي خلاف السعيد لأن بخته لم يساعده على معرفته، والثاني إما أن يقتصر على الجحد أو يضم معه الصد عنه والزجر عن الرجوع إليه والأول هو الغوي وهو الضال، أعني من ترك سبيل الحق وسلك غيره، والثاني هو الجري على الله ومحاربه ومن ههنا علم أن الأول صاحب الجهل البسيط والأخيرين صاحبا الجهل المركب، وأن كل لاحق أخص من السابق.