قوله (اختيار بعلمه وانتجبه لطهره) استئناف لبيان السبب الموجب لجعله إماما دون غيره والسبب هو العلم المتعلق بجميع ما يحتاج إليه العباد، والطهارة عن الرذائل كلها. إذ بالعلم يعلم مصالح العباد، وبالطهارة يحصل لهم الوثوق بقوله وفعله.
قوله (بقية من آدم (عليه السلام)) فعيلة بمعنى فاعل، وبقية كل شيء ما بقي منه يعني باقيا من أبيكم آدم (عليه السلام) والله سبحانه أبقاه منه لأجل هدايتكم.
قوله (وسلالة من إسماعيل) سلالة الشيء بالضم ما استل منه، والنطفة سلالة الإنسان لأنها خرجت منه، والولد سليل لأنه خرج من صلب أبيه.
قوله (لم يزل مرعيا بعين الله) أي بحفظه ورعايته أبدا من حين فطرته إلى زمان انتقاله من هذه الدار.
قوله (يحفظه ويكلؤه بستره) الكلاءة بالكسر الحفظ والحراسة وهي أشد من الحفظ يقال: كلأه الله كلاءة بالكسر أي حفظه وحرسه، والستر بالفتح المصدر وبالكسر الساتر، والمراد بالستر هنا القوة النفسانية الحاجزة بينه وبين المعصية وهي العصمة، وإضافته إلى ضميره تعالى لإفادة أنه من فضل الله تعالى وليس المعصوم إلا من عصمه الله تعالى.
قوله: (مطرودا عنه حبائل إبليس) الطرد الإبعاد والحبائل جمع الحبالة وهي بالكسر ما يصاد به، والمراد بها مكره وحيلته ووساوسه التي بها يوقع بني آدم في المعصية ويقيده بقيد انقياده على سبيل التشبيه.
قوله: (مدفوعا عنه وقوب الغواسق) الوقوب الدخول يقال: وقب الظلام إذا دخل على الناس.
ومنه قوله تعالى: (ومن شر غاسق إذا وقب) والغواسق جمع الغاسق وهو الليل المظلم الساتر لكل شيء، والمراد به هنا كل باطل فإن الباطل مظلم يستر الحق.
قوله: (ونفوث كل فاسق) إنسانا كان أو شيطانا والنفث بالفم شبيه بالنفخ، والمراد به هنا ما يلقي إلى أحد من القول الخفي لإضلاله.
قوله: (مصروفا عنه قوارف السوء) السوء بالفتح مصدر وبالضم اسم منه والقارف الكاسب يقال: فلان يقرف لعياله أي يكسب والاقتراف الاكتساب، والمراد بقوارف السوء ما يجر إليه من الميل والشوق والإرادة والصفات الرذيلة النفسانية مثل الحقد والحسد والغضب وغيرها.
وقوله: (مبرءا من العاهات محجوبا عن الآفات) العاهة والآفة بمعنى واحد وهي ما يوجب خروج عضو عن مزاجه الطبيعي، ويمكن أن يراد هنا بإحديهما الأمراض النفسانية كلها وبالاخرى بعض الأمراض البدنية مثل البرص والجذام وغيرها.
قوله: (في يفاعه) اليفع الرفعة والشرف والغلبة وفيه دلالة على أن ذلك ليس لعجزه بل لكمال