نفوسا أو أجساما، ويجوز إرادة كل واحد من هذه المعاني هنا، أما الأول فلأنه يجوز أن يكون له تعالى عرش بالمعنى الأول لا باعتبار استقراره جل شأنه عليه كاستقرار الملك على سريره لتعاليه عن ذلك، بل باعتبار أنه جعله مطافا لبعض الروحانيين كما أن له بيتا بهذا الاعتبار، وخلق الإمام عن يمينه كناية عن كرامته وعلو منزلته لأن عظيم المنزلة، يتبوء عن يمين الملك، وأما الثاني فلأن خلقه عن يمينه كناية عن أنه أقرب الموجودات إليه سبحانه لأن الملك وهو جميع الكائنات له يمين وشمال ويمينه أي جانب أشرفه ما يلي المبدء الأول في ترتيب الإيجاد فكل ما هو أقرب منه تعالى في الإيجاد فهو أيمن بالنظر إلى ما بعده، وأما الثالث فلما مر في الأول لأن الجسم المحيط إذا سمي بالعرش يتخيل له يمين وشمال كالسرير للملك والكائن على يمينه من أهل الكرامة والمنزلة كالكائن على يمين سرير الملك، وأما الرابح فلمثل ما ذكرناه في الثالث أو في الثاني باعتبار المعلومات لأن العلم باليمين يمين بالنظر إلى العلم بما بعده، وأما الخامس فلأن العرش الروحاني يمينه ما يقرب منه منه في سلسلة الإيجاد، وأما السادس فلأن يمين العالم بين العالمين هو العالم الثابت لأنه أقرب منه في سلسلة الإيجاد فليتأمل.
قوله (محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده) حباه حبوة أعطاه والحباء العطاء وهو حال عن مفعول الأفعال المذكورة وفيه دلالة على أن علمه من باب الإفاضة والإلهام دون الاكتساب والنظر.