شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٠١
المعروف في الجدليات والمغالطات.
قوله: (تتكلم وأقرب ما تكون - الخ) الواو للحال والأقرب هو الأقرب في الفهم أو الأقرب في النقل والمراد به ذمه ببعده عن طريق الحق والأثر الصدق مع وضوحه فكأنه في أثناء المناظرة ترك ما ينفعه من الخبر الصحيح الظاهر وتمسك بالأباطيل ولذلك قال (عليه السلام): (وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل).
قوله: (تمزج الحق مع الباطل) يعني تتمسك بالشبهة لدفع الباطل إذ الشبهة إنما سميت شبهة لأجل أنها بمزج الحق مع الباطل تشبه الحق إما في صورته أو في مادته أو فيهما معا.
قوله: (قفازان) بالقاف وشد الفاء والزاي المعجمة: من القفز وهو الوثوب أي وثابان من مقام إلى مقام آخر، غير ثابتين على أمر واحد، وفي بعض النسخ بالراء المهملة من القفر: وهو المتابعة والاقتفاء، يقال: اقتفرت الأثر وتقفرته أي تتبعته وقفوته يعني إنكما تتبعان الخصم وتقتفيان باطله لقصد إلزامه بالباطل.
قوله: (حاذقان) بالقاف: من الحذاقة وهي المهارة أي ماهران في الوثوب واقتفاء الخصم بالباطل وفي بعض النسخ بالفاء من وهو القطع أي قاطعان الباطل بالباطل.
قوله: (لا تكاد تقع تلوي رجليك) تكاد: من الأفعال المقاربة اسمه ضمير الخطاب المستكن وخبره تقع بصيغة الخطاب، وتلوي: من لويت عنقه إذ فتلته بدل من «تقع» أو بيان له والمقصود نفي قرب وقوعه على الأرض وفتل رجليه وإزلاقهما وهو كناية عن كمال ثباته في مقام المناظرة.
قوله: (إذا هممت بالأرض طرت) تقول هممت بالشيء أهم هما إذ أرته وعزمت عليه ولعل المقصود ذو همة عظيمة إذا قصدت شيئا وعزمت عليه أمضيته في أقرب الأوقات.
قوله: (مثلك فليكلم الناس) دل على الإذن في المناظرة (1) لإثبات الحق لمن هو مثله (2) في

١ - «قوله دل على الأذن في المناظرة» يكفي في تجويز المناظرة آيات القرآن الكريم وهي كثيرة جدا وعمل أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا، ولا ريب أن العلم من حيث هو علم ليس حراما ولا العالم به مذموما حتى العلم بمذاهب الكفار ووجوه الضلال وأقوال الملاحدة وطرق استنباط الاحكام الشرعية من القياس والاستحسانات وعلم السحر وأقسام القمار واصطلاحات الموسيقى وأسامي آلاته وإنما الحرام ما يترتب على العمل بها من المفاسد والقبائح، وقالوا يجوز تعلم السحر لإبطال السحر ولنقض دعوى المتنبي، ويجوز حفظ كتب الضلال للرد على أهله فكل ما ورد في ذم علم والمنع منه إنما ينصرف إلى الجهة المقبحة التي تستلزم الفساد. وورد في الأحاديث النهي عن الكلام أكثر مما ورد عن التصوف وذم المتكلمين أفحش من ذم الصوفية والمنجمين، وفي كتاب كشف المحجة أن مؤمن الطاق استأذن على أبي عبد الله (عليه السلام) فلم يأذن له لكونه متكلما وقال: ان الكلام والخصومات تفسد النية وتمحق الدين وعنه (عليه السلام) أيضا «متكلموا هذه العصابة من شرار من هم منهم» ولو ورد مثل ذلك في النجوم والمنجمين لكان كافيا في إدارة الدوائر عليهم وإبطالهم ولعنهم وطردهم من قبل أهل الحديث وكل من هو عدو لعلم يمكنه أن يجد في الأحاديث ما يؤيد به مدعاه، والأخباريون منا جمعوا روايات ذموا بها المجتهدين وأهل النظر وغرضهم الفرار من ثقل الاصطلاحات والتفكر في أمور عجزوا عنه وإبداء عذر لجهلهم وأنهم لم يتعلموها لحرمتها ومنع الشرع عنها لا لنقصان عقلهم وقلة فهمهم وقصور ذهنهم عن فهم المطالب الدقيقة وبالله التوفيق. (ش) 2 - قوله «لمن هو مثله» الجدل لقوم والبرهان لقوم والخطابة لقوم كما قال الله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة) يعني بالبرهان (والموعظة الحسنة) يعني الخطابة (وجادلهم بالتي هي أحسن) والمناسب للعاقل المنصف أن يتعلم الدين وأصول العقائد بالأدلة المبتنية على اليقينيات وهي الأوليات والمشاهدات والتجربيات والحدسيات والمتواترات وقضايا قياساتها معها، وانحصارها في هذه الست بالاستقراء، والمناسب لرد الخصوم التمسك بالمشهورات والمسلمات ولغالب الناس من العوام الخطابة إذ ليسوا خصماء حتى يجادل معهم ولا مسلمات لديهم وليسوا مستعدين لفهم الدلائل البرهانية إلا في مالابد منه من إثبات الواجب والنبوة بالأوليات والمتواترات والحدسيات التي يفهمها جمع الناس ومقصود الشارح من قوله لمن هو مثله أنه لا يجوز التكلم بالجدل مع العامة. (ش)
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354