فداك، قال: فقال لي: أترغب بنفسك عني؟ قال: قلت له: إنما هي نفس واحدة فإن كان لله في الأرض حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك هالك وإن لا تكن لله حجة في الأرض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء، قال فقال لي: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد شفقة علي ولم يشفق علي من حر النار، إذا أخبرك بالدين ولم يخبرني به، فقلت له: جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار وأخبرني أنا فإن قبلت نجوت وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار، ثم قلت له: جعلت فداك أنتم أفضل أم الأنبياء؟ قال: بل الأنبياء قلت: يقول يعقوب ليوسف (عليهم السلام) (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) لم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ولكن كتمهم ذلك فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك، قال: فقال: أما والله لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني اقتل واصلب بالكناسة وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي فحججت فحدثت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالة زيد وما قلت له، فقال لي: أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ولم تترك له مسلكا يسلكه.
* الشرح:
قوله: (وهو مستخف) أي متوار من الأعداء.
قوله: (إن طرقك طارق منا) أي طلبك طالب منا أو ورد عليك وارد منا أو دق بابك رجل منا يريد خروجك معه والاولان من باب الكناية والأخير على سبيل الحقيقة.
قوله: (أترغب بنفسك عني) رغب عن الشيء إذا لم يرده ورغب فيه إذا أراده.
قوله: (إنما هي نفس واحدة) يحتمل أن يريد أن النفس الواحدة لا تنفعك فيما تريده من الخطب العظيم وأن يريد أن النفس واحدة لابد لها من طاعة الرب وليست بمتعددة يمكن التدارك بإحداهما لو عصت واحدة لابد لها من طاعة الرب وليست بمتعددة يمكن التدارك بإحداهما لو عصت الاخرى وهذا أنسب بما بعده.
قوله: (فالمتخلف عنك ناج) أما نجاة المتخلف فلتشبثه بذيل الحجة وتخلفه عن المدعى بغير حق. وأما هلاك الخارج فلعكس ذلك وفيه تصريح بأنه ليس بحجة.
قوله: (سواء) أي سواء في الفضل وليس للخارج مزية فيه، أو سواء في الهلاك لأن كليهما على تقدير عدم الحجة في معرض الهلاك والخروج معك لا يوجب النجاة. وفيه أيضا تصريح بما مر.
قوله: (على الخوان فيلقمني البضعة) الخوان - بالكسر -: الذي يؤكل عليه وهو معرب، والبضعة بالفتح: القطعة من اللحم، وقد تكسر تقول لقمتها ألقمها وتلقمتها والتقمتها إذا أكلتها