10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: قال أبو شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا: قلت: ما هي؟ فقال: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) فلم أدر بما أجيبه فحججت فخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة؟ فإنه يقول: فلأن، فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل: كذلك الله ربنا في السماء إله وفي الأرض إله وفي البحار إله وفي القفار إله وفي كل مكان إله.
قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: قال أبو شاكر الديصاني) (1) اسمه عبد الله (إن في القرآن آية هي قولنا) من أن الإله اثنان (قلت: ما هي فقال:
(وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) فهناك إلهان أحدهما في السماء وهو النور المعبر عنه بيزدان والآخر في الأرض وهو الظلمة المعبر عنها بأهرمن (فلم أدر بما أجيبه فحججت) - بفتح الحاء - أي فذهبت إلى مكة وفعلت أفعال الحج، ويجوز ضم الحاء على صيغة المجهول يعني صرت محجوجا مغلوبا لأبي شاكر (فخبرت) - بتشديد الباء - بمعنى أخبرت (أبا عبد الله (عليه السلام) فقال:
هذا كلام زنديق خبيث) هذا إخبار بالغيب إن كان هشام أخبره بمضمون الآية فقط، وتصديق قوله إن كان أخبره بمناظرة الديصاني (إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة فإنه يقول: فلان، فقل له: ما اسمك بالبصرة) يجوز حركات الباء والفتح أفصح وأشهر (فإنه يقول فلان) المقصود منه إرشاده إلى الجواب بأن تسمية شخص باسم في البلاد المتعددة والأماكن المختلفة لا يوجب تعدده فلذلك قال (فقل: كذلك الله تبارك وتعالى في السماء إله وفي الأرض إله وفي البحار إله وفي القفار إله وفي كل مكان إله) ولا يوجب ذلك تعدد الإله.
والجواب واضح الدلالة على المقصود; لأن كونه تعالى إلها أمر يحلقه بالنظر إلى إيجاد السماء والأرض وأهلهما واستعباده إياهم وجريان ألوهيته واستحقاق عبادته عليهم فقد أشار الرب العظيم بهذا الكلام الكريم إلى نفي الآلهة السماوية والأرضية التي يعتقدها المشركون بأن عبر عن ذاته المقدسة ب «هو» الدال على هويته المطلقة التي هي محض الوجود الحق الواجب، ولما لم يكن تعريف تلك الهوية إلا باعتبار أمر خارج عنها أشار إلى تعريفها بكونه مستحقا بالذات لاسم الإله والألوهية، والعبادة بالنسبة إلى السماء والأرض وأهلهما ولا يستحق شيئا منها غيره تعالى الله عما