شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٧٤
بالنقص فيه إذ لم يكن له بعض صفات كماله بالفعل، وان لم تكن من صفات كماله لزم القول بزيادة في صفاته زائدة على صفات كماله، وكلاهما محال.
وأيضا: الحركة الأينية من لوازم الجسم، وكل جسم قابل للزيادة والنقصان (وكل متحرك محتاج إلى من يحركه) إن كانت الحركة قسرية (أو يتحرك به) (1) إن كانت إرادية أو طبيعية. وفي العطف مناقشة يمكن دفعها بتقدير الموصول أي ما يتحرك به أو يجعل «من» شاملة لغير العاقل على سبيل التغليب (فمن ظن بالله الظنون) أي الأنواع من الظن (هلك) هلاكا أبديا، وفيه وعيد لمن تمسك في ذات الواجب وصفاته بظنه ورأيه، فإن ظنون العباد مختلفة وآراءهم متباينة، فربما يظنون بجناب الحق ما لا يليق به فيهلكون ويهلكون ألا ساء ما يظنون.
(فاحذروا) أي تحرزوا (في صفاته من أن تقفوا له على حد) يحجزكم عنه تعالى ويمنعكم من التقرب به والوصول إليه (تحدونه) استيناف لبيان الوقوف أو حال عن فاعل تقفوا (بنقص أو زيادة) في صفاته التي لا يلحقها التحديد ولا يعرضها التعيين (أو تحريك أو تحرك) أي بتحريك الغير له أو بتحركه بطبعه أو بإرادته (أو زوال) أي بعدم وفناء أو بتغير من وصف إلى وصف (أو استنزال) أي نزول من مكان إلى مكان أو طلبه أو إنزال الغير إياه (أو نهوض) عن مكان بقيامه على ساق كنهوضنا

1 - قوله: «إلى من يحركه أو يتحرك به» كلام ملوكي لا يمكن للسوقة أن يكلموا بمثله أو بما يقرب منه بل تعبير الهي لا يستطيع أن ينطق به إلا من ألهم به من عالم الملكوت. والمحرك على قسمين، إما أن يكون مبائنا كإنسان يرمي حجرا وإما غير مباين كحجر يسقط بطبعه، أو كانسان يمشي على الأرض، فالأول مصداق قوله «من يحركه» والثاني مصداق قوله «يتحرك به». وأما علة احتياج الحركة إلى علة فلأن الحركة عرضية للجسم، وكل حالة عرضية محتاجة إلى علة، وإنما قلنا هي عرضية لأنه لا يستحيل السكون على طبيعة الجسم من حيث هو جسم، فإذا كانت الحركة بعلة فلا بد أن تكون العلة إما طبيعة مقارنة لذات الجسم نظير الإحراق للنار أو غير ذاته كالبياض للجدار.
فإن قيل استحالة احتياج الواجب إلى من يحركه مباينا واضحة وأما احتياجه إلى من يتحرك به أي كون حركته بطبيعة ذاته فما الدليل على استحالته؟
قلنا: عرف استحالته أولا من قوله (عليه السلام): من ينسبه إلى نقص أو زيادة; لأن كل متحرك يتحرك إلى كمال غير حاصل له ، وهذا يدل على نقصه أولا وزيادة بعد الحركة. وثانيا كل متحرك طبيعي متجز في الجملة; لأن القوة المحركة التي فيه وإن كانت طبيعية شيء غير الذي يتحرك ويقبل الحركة إذ يستحيل أن يكون الفاعل والمنفعل واحدا من جميع الجهات، ومعنى المنفعل من التحريك أنه لو لم يكن محرك لم يتحرك، ومعنى الفاعل أنه يلزم منه الحركة البتة فهما شيئان متباينان أحدهما محرك نظير الطبيعة، والثاني متحرك نظير الجسمية فيما عندنا من الأجسام، ولم يعهد مثل هذا الاستدلال من سائر علماء الإسلام، وهو دليل قوي على إمامتهم من الله تعالى.
(ش)
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست