تفاوت مراتبها وكمالاتها إليه (ولا يقال له أمام) لأنه مبدء كل موجود ومرجعه فهو المتقدم الذي لا يتقدمه شيء في الوجود والكمال والرتبة والشرق، والفرق بين هذه الفقرة وما تقدمها أن المقصود فيما تقدم هو الإشارة إلى وصف قدرته بالتمام على كل مقدور وإظهار عجز ما سواه، والمقصود في هذه هو الإشارة إلى أنه مبدء لجميع الموجودات ومتقدم عليها مع اشتراكهما في الإشارة إلى مطالب آخر وهي وجوب وجوده لذاته وأزليته وأبديته ووحدته وعينية صفاته وعدم الحلول والتحيز والتركيب والافتقار إلى شيء كل ذلك ظاهر.
(داخل في الأشياء) (1) بالعلم والإحاطة بكلياتها وجزئياتها وكيفياتها والتصرف كيف يشاء ولما كان المتبادر من الدخول هو الظرفية والحلول أشار إلى تقدسه عن هذا المعنى بقوله (لا كشيء داخل في شيء) أي لا كدخول الممكنات بعضها في بعض كدخول الجزء مثلا في الكل ودخول الحال في المحل ودخول الجسم في المكان فإن الدخول بهذا المعنى من لواحق الإمكان وتوابع الافتقار وهي على واجب الوجود لذاته محال.
(وخارج من الأشياء) المراد بخروجه منها مباينة ذاته المقدسة وصفاته الكاملة عن مشابهة شيء منها ولما كان المتبادر من خروج شيء من شيء اختصاصه بالوضع والتحيز وخروج الجسم والجسماني من مكانه نزهه تعالى عن هذا المعنى بقوله (لا كشيء خارج من شيء) كخروج الجسم من مكانه وخروج الحال من محله وخروج ذي الهيئة من هيئته إلى هيئة اخرى فإن أمثال ذلك من خواص الإمكان، ثم أتى بالتنزيه المطلق عن جميع ما لا يليق به على سبيل الإجمال فقال:
(سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره) سبحان مصدر مضاف إلى المفعول من سبحه إذا نزهه أي انزه تنزيها عن جميع المعايب والنقايص من اتصف بهذه الصفات ولا يتصف بشيء منها غيره، ويحتمل أن يكون سبحان للتعجب من كمال تنزهه وبعده عن صفات المخلوقين وبعدهم عن