من نفسه من الصفات اللايقة به كما مر في الحديث الثاني من هذا الباب ويحتمل أن يقرأ يعرفون على البناء للمفعول ويكون المقصود حينئذ أنه تعالى لا يعرف حق المعرفة بالنظر إلى خلقه والاستدلال بهم عليه بل الخلق يعرفون بنور ربهم كما تعرف الذرات بنور الشمس دون العكس وليس نور الله في آفاق النفوس أقل من نور الشمس في آفاق السماء قال عز من قائل (وأشرقت الأرض بنور ربها) فضوؤه قاطع لرين أرباب الضماير، ونوره ساطع في أبصار أصحاب البصاير، ولا يبعد أن يكون قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «الحمد لله المتجلي لخلقه» (1) إشارة إلى هذا القسم من المعرفة وهذه المعرفة تنقسم إلى قسمين أحدهما أن يرى الصانع أولا والمصنوع ثانيا. / وفي هذا القسم قد يقع الالتباس (2) فيظن أن الرؤية القلبية تعلقت بهما معا كما يقع الالتباس في الرؤية العينية للناظر إلى المرآة فإنه يظن أنه يرى نفسه والمرآة معا مع أن رؤية المرآة مقدمة على رؤيته، وثانيهما أن لا يرى مع الصانع غيره، وهذا القسم هو الفناء المطلق في الله ونظيره غفلة الناظر إلى المرآة عن رؤية شخصه إذا كان قصده من النظر إليها مشاهدة جوهرها وحسن هيئتها وسائر كمالاتها مع توجه ذهنه إلى التأمل في هذه الامور وتوغله في التعمق في محاسنها.
(٨٨)