شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٨١
يجذب القلوب ويوصل إلى المطلوب. ومن ثم أمر الله سبحانه بالإحسان فإنه يستعبد الإنسان.
(ومعنى قوله (عليه السلام): اعرفوا الله بالله) هذا كلام المصنف يدل عليه أنه نقل الصدوق هذا الحديث بسنده في كتاب التوحيد إلى قوله: «والإحسان» ثم قال بعد كلام حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) قال: سمعت محمد بن يعقوب يقول: معنى قوله: «اعرفوا الله بالله - إلى آخره» (يعني أن الله خلق الأشخاص) المتلبسة بالخصوصيات الشخصية (والأنوار) اللايحة في الأجرام النورية (والجواهر) القائمة بذاتها الغير المفتقرة إلى الموضوع (والأعيان، فالأعيان) التي لها هيئة وجثة معلومة (الأبدان) التي لها جوارح وأعضاء مخصوصة (والجواهر) الصرفة العارية عن العلايق المادية ذاتا وفعلا (والأرواح) التي هي الملائكة أو النفوس البشرية. وفي بعض النسخ «والجواهر الأرواح» بترك العاطف بينهما ورفعهما على الابتداء والخبر.
قال عياض: الروح والنفس بمعنى واحد لقول (صلى الله عليه وآله وسلم) «إن الله قبض أرواحنا» وقوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها) وقيل: الروح جسم لطيف (1) مودع في البدن محل للأخلاق الملعونة كما أن الروح محل للأخلاق المحمودة والإنسان يطلق على ذلك كله وقيل: الروح هو النفس المتردد في الجسد.
وقيل: الروح أمر مجهول لا نعلم حقيقته. وقيل غير ذلك.
(وهو جل وعز لا يشبه جسما) وكذا لا يشبه جسمانيا (ولا روحا) لتنزهه عن الجسمية ولواحقها وعن التشبه بالخلق المحتاج (وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب، هو المتفرد بخلق الأرواح) السماوية والحيوانية (2) (والأجسام) الأرضية والفلكية، وفيه رد على من نسب خلقها إلى العقول المردة والمبادي العالية زعما منهم أنه تعالى واحد لا يصدر عنه إلا واحد، وتنبيه على استحالة مشابهته بمخلوقاته الحادثة (فإذا نفي عنه الشبهين: شبه الأبدان وشبه الأرواح) يمكن إدراج الأجسام والجسمانيات كلها في الأبدان وإدراج المجردات ولواحقها كلها في الأرواح للاشتراك في علة النفي فيكون المراد حينئذ نفي مشابهته عن جميع ما سواه.

1 - قوله: «وقيل النفس جسم لطيف، ومذهب الشارح تجرد النفوس الناطقة كما مر عنه مكررا وغرضه هنا صرف نقل الأقوال. (ش) 2 - قوله «بخلق الأرواح السماوية والحيوانية» فرق الحكماء بين النفوس السماوية والحيوانية بكون الثانية آلية والسماوية غير آلية فإن الحيوانات إذا نظر إليها رأى فيها آلات مختلفة لأفعال مختلفة كالبصر والسمع واليد والرجل ويعلم بذلك أنها أحياء وأما السماوات عند القدماء فلا يرى فيها آلات فهي كرحى متشابه الأجزاء فيه حركة مستديرة من غير محرك ظاهر لا يشك من رآه أن محركه موجود شاعر وهو النفس السماوية وبهذا يعرف حياتها. (ش)
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست