الرجل: ما الذي لا يجتزئ في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب إليه: لم يزل عالما وسامعا وبصيرا، وهو الفعال لما يريد. وسئل أبو جعفر (عليه السلام) عن الذي لا يجتزئ بدون ذلك من معرفة الخالق فقال:
ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء لم يزل عالما سميعا بصيرا.
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن طاهر بن حاتم في حال استقامته) طاهر بن حاتم بن ماهويه بفتح الهاء والواو غال كذاب كأخيه فارس بن حاتم، وطاهر بن أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي الحسن موسى (عليه السلام)، وأخوه فارس من أصحاب الرضا (عليه السلام) قيل: هما كانا مستقيمين ثم تغيرا وتفسدا وأظهر القول بالغلو، وقال ابن الغضايري: طاهر بن حاتم بن ماهويه القزويني أخو فارس كان فاسد المذهب ضعيفا وكانت له حالة استقامة كما كانت لأخيه ولكنها لا تثمر.
وفيه أنه إن أراد أنها لا تثمر في قبول ما رواه بعد التغير فهو كذلك وإن أراد أنها لا تثمر مطلقا فهو ممنوع لإنها تثمر في قبول ما رواه قبل التغير كما في هذا الحديث.
(أنه كتب إلى الرجل) هو الكاظم أو الصادق (عليه السلام) (ما الذي لا يجتزء في معرفة الخالق بدونه) أي بأقل منه (فكتب إليه لم يزل عالما) بذاته وبالأشياء قبل إيجادها ولا يعزب عنه شيء منها كليها وجزئيها وحقايقها ولوازمها وعوارضها وجوانبها وحدودها التي تنتهي إليها.
روى الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) بسنده عن الحسين بن يشار بالياء المنقطة تحتها نقطتين والشين المعجمة المثلثة المشددة (1) عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون فقال إن الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء، قال عز وجل: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) وقال لأهل النار (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) فقد علم عز وجل أنه لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه.
وقال للملائكة لما قالت: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال: إني أعلم ما لا تعلمون.
فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها، وفيه رد على من زعم أنه ليس عالما بذاته لوجوب المغايرة بين العالم والمعلوم ولم يعلم أن التغاير الاعتباري كاف كعلمنا بأنفسنا فهو عالم ومعلوم وعلم وعلى من زعم أنه ليس بعالم بغيره لأن علم أحد بغيره عبارة عن صورة