شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٨٣
وكما قال سيد الوصيين أمير المؤمنين (عليه السلام) «ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله» إذ لا شبهة في أن هذه الرؤية ليست رؤية ظاهرية بل هي رؤية قلبية ولا في أنها ليست مستندة إلى واسطة لاستلزامه بطلان الحصر ومثله قول بعض الأولياء «رأيت ربي بربي ولولا ربي ما رأيت ربي» والظاهر أن قوله تعالى (أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) إشارة إلى هذه المرتبة لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغ إلى مقام يرى فيه الرب بالرب وبه يستشهد على كل شيء، ثم الظاهر أن هذا إشارة إلى أنه يمكن لكل أحد أن يعرف ربه بربه بلا نظر واستدلال كما قال بعض الأكابر «إن وجود الحق ضروري».
الثاني معرفته بالنظر والاستدلال بما دل به على نفسه من الآثار العجيبة والأفعال الغريبة كما هو طريق المتكلمين الذين يستدلون بوجود الممكنات وطبايعها وصفاتها وإمكانها وحدوثها وتكونها وقبولها للتغير والتركيب على المبدء الأول وإلى هذا الطريق أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله «الحمد لله الذي دل على وجوده بخلقه» (1) وقد أشار إليه جل شأنه في مواضع كثيرة من القرآن العزيز وكيفية معرفته تعالى من هذين الطريقين والواجب على أهل كل طريق أن يعرفوا أنه تعالى مبدأ أول لجميع الموجودات لا يشابه شيئا منها في الذات والصفات وأن ينزهوه عما لا يليق به والمصنف (رحمه الله) حمل قوله (عليه السلام) «اعرفوا الله بالله» على كيفية معرفته الحقة الحقيقية التي تليق بجناب قدسه الأحدي الذات والصفات المنزه عن المشابهة لشيء من الممكنات ليفيد أن معرفته بخلاف ذلك ليست بمعرفة بل هي شرك بالله، العظيم ويمكن حمله على الطريق الأول للمعرفة لأنه أكمل وأحسن بل على الطريق الثاني أيضا لأن معرفته تعالى بأي طريق كان حاصله بالله ومن جانبه ومما يؤيد ذلك ما ذكره الصدوق في كتاب التوحيد بقوله «الصواب في هذا الباب أن يقال عرفنا الله بالله» لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها، وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججه (عليهم السلام) فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثها فيه عرفناه.
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن عقبة بن

1 - النهج قسم الخطب تحت رقم 50 وقد تقدم.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست