المعنى) المراد منه وهو الذات المقدسة المنزهة عن التركيب والحدوث (فقد كفر) لأن المعبود الحق هو المعنى والاسم غيره فمن عبد الاسم فقد عبد غيره ومن عبد غيره فهو كافر.
(ومن عبد الاسم والمعنى) أي المجموع من حيث هو أو كل واحد منهما والأخير أنسب بقوله (فقد أشرك) حيث جعل الاسم مشاركا للمعنى في استحقاق العبادة فقد اتخذ إلهين اثنين بل آلهة لتعدد الأسماء وتكثرها.
(ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه) أي من عبد المعنى وحده وذكر اسما من أسمائه باعتبار أنه دال عليه على ما جرت عليه العادة من انتقال الذهن من اللفظ إلى المعنى لا باعتبار تعلق العبادة به (بصفاته) متعلق بعبد أو حال عن فاعله أو عن مفعوله أو حال عن الأسماء يعني من عبد المعنى حال كون ذلك العابد آخذا بصفاته أو حال كون المعنى مأخوذا بصفاته أو حال كون الأسماء متلبسة بصفاته (التي وصف بها نفسه) في القرآن وبينها لرسوله وعلمها الرسول أوصياءه وعلمه الأوصياء سائر الخلائق كما تعرف من أحاديثهم (فعقد عليه قلبه) أي فعقد على المعنى المأخوذ مع صفاته على الوجه اللايق به قلبه عقدا جازما (ونطق به لسانه) بسبب ذكر أسمائه (في سرائره وعلانيته) السر متعلق بالعقد والعلانية بالنطق، وتعلق المجموع بالمجموع أو كل واحد بكل واحد بعيد، وفيه إشارة إلى اعتبار خشوع القلب والجوارح في العبادة.
(فأولئك أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا، وفي حديث آخر: أولئك هم المؤمنون حقا) حقا مفعول مطلق حذف ناصبه وجوبا كما في زيد قايم حقا أي حق حقا يعني ثبت.
وفي قوله «بصفاته التي وصف بها نفسه» إشعار بأن صفاته توقيفية وأن الحقيقة الإلهية غير معلومة لنا وإنا أنما نعلمها من جهة صفاتها وآثارها الظاهرة في عالم الإمكان وأنها مختلفة فإن أثر العلم والحكمة شيء وأثر الصنع والقدرة شيء آخر وهكذا في ساير الصفات، ثم لما كان هذا العالم عالم الكثرة والتفرقة الذي يقف فيه الأوهام على حد لا يليق بجناب الحق لأن عالم الوجوب الذاتي عالم وحدة لا كثرة فيه أصلا ولا سبيل فيه لاحكام الوهم.
وكانت هذه الصفات التي اختلفت آثارها ومفهوماتها غير مفيدة لمعرفته تعالى على أي وجه أخذناه، وأي طريق تصورناه بل قد تصير حجابا بيننا وبينه تعالى فلذلك ترى كثيرا من الناس بقوا متحيرين من وراء ذلك الحجاب فبعضهم شبهوه بالجسم وبعضهم شبهوه بالصورة وبعضهم اعتقدوا أن صفاته أمور موجودة في الخارج زائدة على ذاته عارضة لها إلى غير ذلك من المذاهب الباطلة وجب على العبد السالك إلى الله الطالب لمعرفته من جهة صفاته على ما ينبغي له أن يرفع