بالجعل البسيط أعني إفاضة الوجود.
(فلا يعرف بالكيفوفية ولا بأينونية) لأنه كان موجودا قبلهما خاليا عنهما لما عرفت من أنه موجد لهما فلو اتصفت بهما لزم نقصه في ذاته واستكماله بخلقه ولزم أن يتحرك ويتغير من وصف إلى وصف وأن يحتاج إلى خلقه وأن يشوب عالم الوجوب الذاتي بعالم الإمكان وأن يكون جسما أو عرضا لأن ذا المكان والكيف يجب أن يكون أحدهما وهذه اللوازم كلها باطلة في شأنه تعالى (ولا يدرك بحاسة) لتخصص إدراكها بالأجسام وكيفيتها وتنزهه تعالى عن الجسمية ولواحقها ويمكن حمل الحاسة على القوى المدركة كلها لأنه تعالى لا يمكن إدراكه بشئ من أنحاء الإدراك إلا أن التخصيص أنسب بمقام السؤال (ولا يقاس لشئ) لتقدسه عن التشبه بخلقه في الجسمية والكيفية وغيرهما من توابع الإمكان.
(فقال الرجل فإذن أنه لا شئ إذا لم يدرك بحاسة من الحواس) يريد أن الذي وصفته ليس بموجود إذ كل موجود فهو مدرك بالحواس وهذا بناء على أن الزنادقة لا يحكمون بالوجود إلا على المحسوسات (1) فيجزمون بعدم وجود ما ليس بمحسوس لعدم كونه محسوسا ولا يعلمون أن عدم الإحساس بشئ لا يدل على عدم وجوده.
(فقال أبو الحسن (عليه السلام) ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه) لتقدسه عن نيل الحواس وتنزهه عن دخوله في حيز المحسوسات (أنكرت ربوبيته) للممكنات وافتقار الممكنات إليه في ذواتها وصفاتها وكمالاتها (ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شئ من الأشياء)