رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه؟ فكتب (عليه السلام) بخطه: لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره.
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن حمزة قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام) أسأله: أن مواليك) أي شيعتك وأنصارك (اختلفوا في العلم فقال بهم: لم يزل الله عالما (1) قبل فعل الأشياء وقال بعضهم لا نقول لم يزل الله عالما لأن معنى يعلم يفعل) أي يفعل العلم ويوجده بناء على أن العلم إدراك والإدراك فعل وكان هذا القائل توهم أن العالم من الصفات الفعلية مثل الخالق ونحوه وتحقق الصفات الفعلية يقتضي أن يكون معه غير فلذلك قال (فإن أثبتنا العلم) وقلنا إنه كان لم يزل عالما (فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا) وهو العلم الذي مصنوع له وزايد عليه وهذا باطل لأنه متفرد بالوجود في الأزل حيث كان ولم يكن معه شيء وأنت تعلم أن هذه الشبهة نشأت من مزج الحق بالباطل كما هو حال جميع الشبهات، أما الحق فهو الاعتقاد بأن الله تعالى كان ولم يكن معه شيء، وأما الباطل فهو الاعتقاد بأن العالم صفة فعل يطلق على من يوجد العلم، كما أن الخالق يطلق على من يوجد الخلق ووجه بطلان أن العالم إذا أطلق عليه سبحانه كان من صفاته الذاتية التي يراد بها نفس الذات دون الذات مع صفات موجود قائمة بها نعم ما ذكره له معنى إذا أطلق العالم على الإنسان فقد اشتبه عليه حال الواجب بحال الممكن وقد يوجه قوله «معنى يعلم يفعل» بوجه آخر وهو أن معنى يعلم بحسب اللزوم يفعل يعني يعلم يستلزم يفعل بناء على أن العلم بالمعدوم ممتنع، فإذا قلنا بتحقق العلم في الأزل وجب أن يتحقق المفعول المعلوم فيه أيضا بعينه ووجوده فقد أثبتنا مع الله غيره وهو المعلومات.
(فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه) جواب الشرط محذوف أي فعلت أو تطولت أو نحو ذلك (فكتب (عليه السلام) بخطه لم يزل الله عالما تبارك) أي تطهر عن عيب الجهل وغيره (وتعالى ذكره) عما ينسبه إليه ألسنة الجاهلين ومنهم أبو الحسين البصري.