قال القطب في كتاب درة التاج: ذهب أبو الحسين البصري إلى أن ذاته تعالى تقتضي العلم بالأشياء بشرط وجودها فيحدث له العلم بها عند وجودها لتحقق الشرط ويزول العلم عنه عند زوالها ويحدث علم آخر لزوال الشرط، وما أفاد (عليه السلام) من أن ذاته تعالى في الأزل علم بذاته وبجميع الأشياء يبطل أمثال هذه الأقاويل المزخرفة.
* الأصل:
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل بن سكرة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل وجهه يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟ فقد اختلف مواليك فقال بعضهم: قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئا من خلقه وقال بعضهم: إنما معنى يعلم يفعل فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء فقالوا: إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته؟ فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره؟ فكتب: ما زال الله عالما تبارك وتعالى ذكره.
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد ابن بشير، عن فضيل بن سكرة) بضم السين المهملة وفتح الكاف المشددة.
(قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الظاهر أن قلت على سبيل المكاتبة كما يشعر به آخر الحديث (جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل وجهه) أي عظمت ذاته المقدسة وارتفعت عن إدراك العقول والحواس لها (يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده) أي أنه متفرد في الوجود الذاتي لا شريك له، أو أنه موجود حال كونه متفردا في الوجود فوحده على الأول خبر «أن» وعلى الثاني حال والخبر محذوف. (فقد اختلف مواليك فقال بعضهم: قد كان يعلم) نفس ذاته ووحدته لاستحالة الجهل عليه (قبل أن يخلق شيئا من خلقه) وإذا علم ذلك علم جميع الأشياء قبل أن يخلقها لأن ذاته الحقة علم بجميع الأشياء فعلمه بذاته علم بها أيضا (1) كما بين في موضعه.