ويعلم أفرادها عند وجودها (1) واستدل عليه بأنه لو علم الجزئيات قبل وجودها لزم سلب القدرة عنه تعالى وعن العبد لأن ما علم وجوده وجب وجوده وسلب القدرة ينفي الربوبية والعبودية والوعد والوعيد والثواب والعقاب وبعث الرسل وإنزال الكتب وأجاب عنه بأن العلم تابع للمعلوم لا علة له، فإن قلت: علمه بالأشياء في الأزل عبارة عن حضورها بعينها عنده وعدم غيبتها عنه وكيف يصح ذلك مع القول بحدوثها قلت: قد عرفت وجه ذلك فيما ذكرناه آنفا ونحن نقتصر هنا على كلمة إذا تأملت فيها حق التأمل وجردت ذهنك اللطيف عن الأحكام الوهمية علمت أن علمه الأزلي بالحوادث لا ينافي حدوثها ولا يقتضي قدمها وتلك الكلمة هي أنه تعالى شأنه عالم اليوم بالشيء الذي يوجد غدا وذلك الشيء حاضر عنده اليوم (2) كما أنه حاضر عنده غدا لا لأنه موجود اليوم بل لأنه تعالى لما لم يكن زمانيا (3) كان نسبته إلى اليوم والغد على السواء تأمل تعرف.
(٢٥٢)