شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
يتغير ويتبدل من حال إلى حال كان العلم يعني الذات يتغير بتغيره من حال إلى حال أيضا فأجاب (عليه السلام) بأن الحركة صفة حادثة متعلقة بالفعل الحادث وهو المعلوم وأخواته دون الفاعل أعني الذات المقدسة (1) المنزهة عن طريان التغير والانتقال.
وقيل: المراد بالتحرك والحركة هنا الإيجاد والخلق ومنشأ السؤال أن السامع لما سمع أن صفاته تعالى مثل العلم والسمع وغيرهما عين ذاته الأزلية، توهم أن الخلق والإيجاد أيضا عينها فتوهم أنه تعالى لم يزل خالقا موجدا فأجاب (عليه السلام) بأن صفاته القديمة الذاتية عين ذاته والخلق والإيجاد من

١ - قوله «أعني الذات المقدسة» لا ريب أن ذاته تعالى لا يتصف بالتغير لأن كل ما هو لائق به من صفات الكمال حاصل له أزلا وأبدا وهذا ضروري في العقل وضروري في مذهبنا وإن تفوه أحد من أهل الظاهر بما ينافيه فهو تعبير من غير التزام بمفاسده، قال القاضي سعيد القمي في شرح حديث مروي في الأسماء والصفات عن أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) عند شرح قوله (عليه السلام) والله واحد لا متجزي ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزي أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق قال القاضي في عد فوائد هذا الكلام أن هذا الحكم منه (عليه السلام) صريح في كفر من زعم أن العالم مسبوق بزمان موهوم نفس أمري ينتزع من بقاء الواجب تعالى سواء قال بعينية الصفات أو لا، إذ يلزم كونه تعالى متوهما بالقلة والكثرة، ومن البين أن المتوهم بهما مخلوق عقلا ونقلا وهذا كفر محض أما النقل فواضح وأما العقل فلان منشأ الانتزاع في نفس الأمر لا بد أن يكون حيثية يصح منها انتزاع ذلك دون هذا كما أن الجسم عند من يقول باعتبارية الأطراف بحيث تنتزع هي منها وكونه ذا امتدادات مخصوصة بحيث لو كانت موجودة لكانت هذه التي يشير إليها القائل بوجودها إشارة حسية، فتوهم الزمان في شيء يقتضي أمرين أحدهما كونه ذا امتداد وأجزاء وحصص يفرض فيه النصف والثلث وغيرهما ويمكن انطباقه لشيء آخر وإلا لم يصح الانتزاع وذلك مثل ما يقول بوهمية الزمان الذي نحن فيه فإنه لا يأبى من توهم الإنصاف والانطباق والزيادة والنقصان وغير ذلك وثانيهما كون أبعاضه المتوهمة مختلفة الأحوال غير مستقرة على حال وإلا لم يصح متوهم الزمان المنقضي فيه انتهى كلامه.
وهو حسن دقيق وإني لا أوافقه في تكفير القائل بالزمان المتنزع من ذات الواجب وإن كان قولا فاحشا في الفساد بل أفحش وأفسد من قول المجسمة لأن ما ذكره القاضي من الأدلة الدقيقة التي لا يتوقع من حشوية أهل الظاهر التنبيه لها وفهم معانيها، وقلنا إن الكفر يثبت بإنكار التوحيد والرسالة صريحا أو بمقدمات مفضية إليه بملازمة بينة وقد أمرنا الشارع بحمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحة، وقد رأينا من أهل الظاهر وغيرهم الالتزام بالمتناقضين وبطلانه أظهر من انتزاع مفهوم الزمان من ذات ثابت لا يتغير ورأيت رجلا لا أتهمه في الدين والورع ولا أعتقد فيه غير التقوى والصلاح ويلتزم بإمكان انتزاع الزمان من بقاء الواجب تعالى أزلا كما حكى القاضي وكان يعتقد نزول الملائكة من خروق الأفلاك ويقول لا يمكن عبورهم عن الأفلاك من غير خرق والتيام فقيل له كيف يدخلون القبور للسؤال من الأموات أم كيف يدخلون من الجدر والأبواب المسدودة كل السد بحيث لا يكون فيه منفذ للهواء قال: إن الله قادر على أن يدخلهم من وراء الموانع والسدود فقيل له كيف يقدر تعالى على ذلك ولا يقدر على إجازتهم من الأفلاك من غير خرق وجسم الفلك عندهم ألطف من كل جسم. (ش)
(٢٤٥)
مفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، القبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست