شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٥
حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عندما كون؟) إنما سأل عن ذلك لوقوع الخلاف فيه ممن لا يعتد به كما ستعرفه.
(فوقع (عليه السلام) بخطة: لم يزل الله تعالى عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء) أزلية علمه تعالى بالأشياء عقيدة أهل الإسلام (1) والدليل عليه وراء الأحاديث الإجماع والأدلة العقلية المذكورة في كتب الكلام قال أبو عبد الله الآبي في كتاب إكمال الإكمال:
ولم يخالفهم في ذلك إلا شرذمة قليلون نشأوا في آخر زمن الصحابة وقالوا الأمر انف أي مستأنف مبتدأ، يعني أن الله تعالى يعلم الأشياء أزلا وهم قد اختلفوا فقال بعضهم أنه يعلمها قبل أن يخلقها بمعنى أنه إذا أراد إيجاد شيء أحدث لنفسه علما خارجا عن ذاته قبل إيجاده ذلك الشيء بزمن ثم يوجده إذ لا يتأتى الإيجاد بدون العلم، فالعلم عنده متقدم على الوقوع، وقال بعضهم: إنه يعلمها بعد وقوعها وهما اتفقا في حدوث العلم واختلفا في التقدم والتأخر، وقيل: إنهم لقبح مذهبهم رجعوا عنه، وقال البلخي: إن القائلين بهذا المذهب انقرضوا جميعهم ولم يبق منهم أحد وكانوا احتجوا عليه بأنه تعالى لو كان عالما بالتكذيب لكان في الإرسال عابثا واحتج عليهم البخاري بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين سئل عن أولاد الكفار الله أعلم بما كانوا عاملين يعني لو بلغوا سن التكليف والجواب عن استدلالهم العبث ممنوع لأن في الإرسال قطعا لعذرهم وإكمالا للحجة عليهم ولأن تعذيبهم منوط بالإرسال لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * الأصل:
5 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن حمزة قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام) أسأله: أن مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم: لم يزل الله عالما قبل فعل الأشياء، وقال بعضهم:
لا نقول: لم يزل الله عالما، لأن معنى يعلم يفعل فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا. فإن

1 - قوله «أزلية علمه تعالى بالأشياء، فإن قيل العلم إضافة لا بد له من منتسبين العالم والمعلوم وما لم يكن كلاهما موجودين لم يعقل حصول العلم. قلنا لئن سلمنا كونه إضافة لا نسلم افتقار الإضافة إلى وجود طرفيها في زمان واحد كالمتقدم والمتأخر فإن بينهما إضافة وقلنا سابقا إن الإنسان يسمع الرعد بعد أن وجد وعدم ويتأخر السماع عن المسموع بل قد يتأخر الإبصار عن المبصر، وإذا لم يمتنع أن يتقدم المعلوم على العلم عند كون المعلوم علة للعلم لم يمتنع أن يتأخر المعلوم إذا كان العالم علة للعلم فيعلم الله تعالى كل شيء في الزمان المستقبل ويكون علمه حاليا كأنه حاضر عنده كما أن صوت الرعد الماضي حاضر عندنا بعد مضيه وانعدامه وبالجملة فنسبة ذات واجب الوجود إلى الماضي والحال والاستقبال سواء وإنما التغير والمضي في الممكنات والله من ورائهم محيط والحق أن العلم فيه تعالى لا يقتضي تغاير المنتسبين بل علمه بذاته عين ذاته وعلمه بساير الأشياء علم تفصيلي في عين الكشف الإجمالي وبيانه موكول إلى محله. (ش)
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست